نام کتاب : الدروس شرح الحلقة الثانية نویسنده : الحيدري، السيد كمال جلد : 1 صفحه : 196
فإذا جاء تنجيز من الشارع و لم يكن بمستوى البيان و القطع، و أخذ أصحاب هذا المسلك به، وقع التنافي بين القول بالبراءة العقلية التنجيزية غير المعلّقة على شيء و بين رفع هذه البراءة و تنجيز التكليف بالدليل الشرعيّ غير القطعيّ [1] (الأمارة أو الأصل).
بعبارة أخرى: إنّ أصحاب مسلك «قبح العقاب بلا بيان» قد أقاموا الأمارة أو الأصل العملي مقام القطع الطريقي كما في الحالة الثانية [2] فحكموا بتنجّز ذلك التكليف مع أنّه لا يزال مشكوكاً و داخلًا في نطاق قاعدة قبح العقاب بلا بيان، فكيف أمكنهم ذلك؟
على سبيل المثال: لو كان هناك سائل مشكوك لا يعلم المكلّف طهارته أو نجاسته، فإنّ حكم مثل هذا السائل وفق قاعدة «قبح العقاب» هو حلّية شربه مطلقاً، فلو قام استصحاب مثلًا و دلّ على عدم حلّية شرب هذا الماء، فإنّ أصحاب هذا المسلك يعملون وفق هذا الاستصحاب و يتجنّبون شرب ذلك السائل، و لكن السؤال: بأيّ دليل قُدّم الاستصحاب و هو دليل ظنّي
على حكم العقل القطعيّ، مع أنّ القاعدة في مثل هذه الحالات هي تقديم الحكم العقلي لأنّه قطعيّ، و تأويل الحكم الشرعيّ «الاستصحاب» وفقاً لذلك الدليل العقلي لأنّه مشكوك؟
و قد ذكر مشهور الأصوليين عدّة نظريات للتخلّص من هذا الإشكال الذي عزاه السيّد الشهيد (قدس سره) إلى بدايتهم الخاطئة حين قالوا بالبراءة العقلية
[1] سبقت الإشارة إلى أنّ الفقيه لا يأخذ بالدليل غير القطعي إلّا إذا ثبتت حجّيته و قطع بها، و القطع بحجّية الدليل غير القطع بمؤدّى الدليل كما هو واضح.
[2] أي أنّ القطع في «الحالة الثانية» كان قطعاً طريقياً و لذلك تنجّز التكليف؛ لأنّه دخل في قاعدة «قبح العقاب بلا بيان» بسبب هذا القطع.
نام کتاب : الدروس شرح الحلقة الثانية نویسنده : الحيدري، السيد كمال جلد : 1 صفحه : 196