responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 7  صفحه : 9

و نجد الرجال إذا اعتراهم ذلك لا يكونون كذلك إلاّ في الوقت الذي هم فيه أشدّ غلمة و أفرط شهوة.

فإن قال قائل: إن الإنسان يغشى النّساء في كلّ حال من الفصلين و الصّميمين‌ [1] ، و إنما هيج السّباع و البهائم في أيام من السنة ثم يسكن هيج التّيس و الجمل. فالإنسان المداوم أحسن حالا.

قلنا: إنّا لم نكن في ذكر المخايرة بين نصيب الإنسان في ذلك مجموعا و مفرّقا، و بين نصيب كلّ جنس من هذه الأجناس مجموعا و مفرّقا، و إنما ذكرنا نفس المخالطة فقط. و ما يدريكم أيضا لعلها أن تستوفي في هذه الأيّام اليسيرة أضعاف ما يأتي الإنسان في تلك الأيّام الكثيرة.

و على أنّا قد نرى ممّا يعتري الحمار و الفرس و البغل و ضروبا كثيرة إذا عاينوا الإناث في غير أيام الهيج. و هاهنا أصناف تديم ذلك كما يديمه الإنسان، مثل الحمام و الدّيكة و غير ذلك.

و قد علمنا أنّ السّنانير و أشباه السنانير لها وقت هيج، و لكنّ ذلك يكون مرارا في السّنة على أشدّ من هيج الإنسان، فليس الأمر على ما يظنّون.

فإن كان الإنسان موضع ذهنه من قلبه أو دماغه يكون أدقّ و أرقّ و أنفذ، و أبصر، فإنّ حواسّ هذه الأشكال أدقّ و أرقّ و أبصر و أنفذ. و إن كان الإنسان يبلغ بالرويّة و التصفّح، و التحصيل و التمثيل ما لا يبلغه شي‌ء من السّباع و البهائم، فإنّ لها أمورا تدركها، و صنعة تحذقها تبلغ منها بالطبائع سهوا و هويّا ما لا يبلغ الإنسان في ما هو بسبيله إلا أن يكره نفسه على التفكير، و على إدامة التنقير و التكشيف و المقاييس فهو يستثقله.

و لكلّ شي‌ء ضرب من الفضيلة و شكل من الأمور المحمودة، لينفي تعالى و عز عن الإنسان العجب، و يقبّح عنده البطر، و يعرّفه أقدار القسم.

و سنذكر من فطن البهائم و إحساس الوحش و ضروب الطير أمورا تعرفون بها كثرة ما أودعها اللّه تعالى من المعارف، و سخّر لها من الصنعة، ثم لا نذكر من ذلك في هذا الموضع إلاّ كلّ طائر منسوب إلى الموق، و إلاّ كلّ بهيمة معروفة بالغثاثة، بعدّة ما فيه أشكالها من المعرفة و الفطنة. و لو أردنا الأجناس المعروفة بالمعارف


[1] الصميمان: الصيف و الشتاء في أشد حالاتهما.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 7  صفحه : 9
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست