مشيت إليه و ادعى متمهّلا # و قد و صلوا خرطومه بحسام
فقلت لنفسي: إنّه الفيل ضارب # بأبيض من ماء الحديد هذام [1]
فإن تنكلي عنه فعذرك واضح # لدى كلّ منخوب الفؤاد عبام [2]
و عند شجاع القوم أكلف فاحم # كظلمة ليل جلّلت بقتام
[و لما رأيت السيف في رأس هضبة # كما لاح برق من خلال غمام] [3]
فناهشته حتى لصقت بصدره # فلما هوى لازمت أيّ لزام
و عذت بقرنيه أريد لبانه # و ذلك من عادات كلّ محامي
فجال و هجّيراه صوت مخضرم # و أبت بقرني يذبل و شمام [4]
و قال هارون: [من الطويل]
و لمّا أتاني أنّهم يعقدونه # بقائم سيف فاضل الطّول و العرض
مررت و لم أحفل بذلك منهم # إذا كان أنف الفيل في عفر الأرض
و حين رأيت السّيف يهتزّ قائما # و يلمع لمع الصّبح بالبلد المفضي [5]
و صار كمخراق بكفّ حزوّر # يصرّفه في الرّفع طورا و في الخفض [6]
فأقبل يفري كلّ شيء سما له # و صرت كأنّي فوق مزلقة دحض [7]
و أهوي لجاري فاغتنمت ذهوله # فلاذ بقرنيه أخو ثقة محض
فجال و جال القرن في كفّ ماجد # كثير مراس الحرب مجتنب الخفض
فطاح و ولّى هاربا لا يهيده # رطانة هنديّ برفع و لا خفض [8]
[1] الهذام: القاطع.
[2] العبام: الأحمق.
[3] البيت إضافة من ربيع الأبرار 5/431.
[4] المخضرم: المقطوع نصف أذنه. يذبل و شمام: جبلان.
[5] المفضي: الواسع.
[6] المخراق: منديل يلوى فيضرب به. الحزوّر: الغلام الذي شبّ و قوي.
[7] سما: ارتفع.
[8] لا يهيده: لا يكترث لها.