responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 7  صفحه : 65

و هل رغبت في صيده الملوك و احتالت له التجار، أو تمنّى الظّفر بأجزائه بعض الأطبّاء. و هل يصلح لدواء أو غذاء أو لبس، إنّما غاية البحريّين أن يسلموا من عبثه إن هجموا عليه نائما أو غافلا، حتّى ينفر و يفزع و ينبّه بقرع العصا، و اصطكاك الخشب.

و إنما قدّمنا خصال الفيل على خصال الحيوان الذي في كفّه و منقاره الصنعة العجيبة، أو يكون فيه من طريف المعرفة، و غريب الحس، و ثقوب البصر، أو بعض ما فيه من الجمال و الحسن، و من التفاريج و من التّحاسين، و الوشي و التلاوين، بالتأليف العجيب، و التّنضيد الغريب، أو بعض ما في حنجرته من الأصوات الملحّنة، و المخارج الموزونة، و الأغاني الدّاخلة في الإيقاع، الخارجة من سبيل الخطأ، ممّا يجمع الطّرب و الشّجا، و مما يفوق النوائح و يروق كلّ مغنّ، حتى يضرب بحسن تخريجه و صفاء صوته و شجا مخرجه المثل، حتى يشبّه به صوت المزمار و الوتر.

و أما بعض ما يعرف بالمكر و الحيل، و الكيس و الرّوغان، و بالفطنة و بالخديعة، و الرّفق و التكسّب، و العلم بما يعيشه و الحذر ممّا يعطبه، و تأتّيه لذلك و حذقه به؛ و أمّا بعض ما يكون في طريق الثّقافة يوم الثّقافة و البصر بالمشاولة [1] ، و الصّبر على المطاولة، و العزم و الرّوغان، و الكرّ و الجولان، و وضع تلك التدابير في مواضعها حتى لا تردّ له طعنة و لا تخطئ له و ثبة، و أما بعض ما يعرف بالنّظر في العاقبة و بإحكام شأن المعيشة و الأخذ لنفسه بالثقة، و بالتقدّم في حال المهلة و الادّخار ليوم الحاجة، و الأجناس التي تدّخر لأنفسها ليوم العجز عن الطلب و التكسّب-فمثل الذّرّة، و النملة، و الجرذ و الفأرة، و كنحو العنكبوت و النّحل.

فإذا كان ليس للفيل إلا عظمه و إن كان العظم قد يدخل في باب من أبواب المفاخرة، فلا ينبغي لأحد أن يناهد [2] به الأبدان التي لها الخصال الشّريفة، و يناضل به ذوات المفاخر العظيمة. فما ظنّك ببدن قد جمع مع العظم من الخصال الشريفة ما يفني الطّوامير الكثيرة، و يستغرق الأجلاد الواسعة. و قد علمت أنّ من جهل هذه السمكة بما يعيشها و يصلحها أنّها شديدة الطّلب و الشّهوة لأكل العنبر. و العنبر أقتل للبال من الدّفلى للدوابّ، فإذا أصابوه ميّتا استخرجوا من جوفه عنبرا كثيرا فاسدا.

و ما فيه من النفع إلاّ أنّ دهنه يصلح لتمرين سفن البحريين.


[1] المشاولة: المطاعنة بالرماح.

[2] يناهد: يناهض.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 7  صفحه : 65
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست