لأنّ الرّيح تعصف به من صغره، فهو يعرف ذلك من نفسه، فإذا قويت الرّيح دخل جحره، و يقولون عندليب و عندبيل و كلّ صواب، و لذلك قال هارون: [من المتقارب]
و يعصف بالببر بعد النمور # كما تعصف الرّيح بالعندبيل
و سنخبر عن تقرير ما في هذه القصيدة مفرّقا، إذ لم نقدر عليه مجموعا متّصلا، و لو أمكن ذلك لكان أحسن للكتاب، و أصحّ لمعناه، و أفهم لمن قرأه.
باب ما يدخل في ذكر الفيل و فيه أخلاط من شعر و حديث و غير ذلك
قال رؤبة [1] في صفة الفيل: [من الرجز]
أجرد كالحصن طويل النّابين # مشرّف اللّحي صغير الفقمين
عليه أذنان كفضل الثّوبين
و أنشد ابن الأعرابيّ [2] : [من البسيط]
هو البعوضة إن كلّفته كرما # و الفيل في كلّ أمر أصله لوم
و قال أعرابيّ و وصف امرأة له [3] : [من الرجز]
لو أكلت فيلين لم تخش البشم
و قال أعرابيّ يصف الأكرياء [4] : [من الرجز]
لو تركب البختيّ ميلا لأنحطم # أو تركب الفيل بها الفيل رزم [5]
[1] لم يرد الرجز في ديوان رؤبة.
[2] البيت في ربيع الأبرار 5/430، و رواية عجزه فيه.
(و الفيل في كل أمر خالط اللوما)
.
[3] الرجز بلا نسبة في أساس البلاغة (أبب) .
[4] الأكرياء: جمع كرى، و هو المكاري الذي يكريك دابته.
[5] رزم البعير: إذا كان لا يقدر على النهوض رزاحا و هزالا.