نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 6 صفحه : 441
و من عضرفوط حطّ بي فأقمته # يبادر وردا من عظاء قوارب[1]
و شرّ مطايا الجنّ أرنب خلّة # و ذئب الغضا أوق على كلّ صاحب[2]
و لم أر فيها مثل قنفذ برقة # يقود قطارا من عظام العناكب
و قد فسّرنا قولهم في الأرانب، لم لا تركب، و في أرنب الخلّة، و قنفذ البرقة.
و حدثني أبو نواس قال: بكرت إلى المربد، و معي ألواحي أطلب أعرابيّا فصيحا، فإذا في ظلّ دار جعفر أعرابيّ لم أسمع بشيطان أقبح منه وجها، و لا بإنسان أحسن منه عقلا. و ذلك في يوم لم أر كبرده بردا، فقلت له: هلاّ قعدت في الشمس! فقال: الخلوة أحبّ إليّ!فقلت له مازحا: أ رأيت القنفذ إذا امتطاه الجنيّ و علا به في الهواء، هل القنفذ يحمل الجنّيّ أم الجنّيّ يحمل القنفذ؟قال: هذا من أكاذيب الأعراب، و قد قلت في ذلك شعرا. قلت فأنشدنيه. فأنشدني بعد أن كان قال لي:
قلت هذا الشعر و قد رأيت ليلة قنفذا و يربوعا يلتمسان بعض الرّزق: [من الطويل]
فما يعجب الجنّان منك عدمتهم # و في الأسد أفراس لهم و نجائب
أ تسرج يربوع و تلجم قنفذا # لقد أعوزتهم ما علمت المراكب
فإن كانت الجنّان جنّت فبالحرى # و لا ذنب للأقدار و اللّه غالب
و ما الناس إلا خادع و مخدّع # و صاحب إسهاب و آخر كاذب
قال: فقلت له: قد كان ينبغي أن يكون البيت الثالث و الرابع بيت آخر. قال:
كانت و اللّه أربعين بيتا، و لكنّ الحطمة[3]و اللّه حطمتها. قال: فقلت: فهل قلت في هذا الباب غير هذا؟قال: نعم، شيء قلته لزوجتي، و هو و اللّه عندها أصدق شيء قلته لها: [من الطويل]
أراه سميعا للسّرار كقنفذ # لقد ضاع سرّ اللّه يا أمّ معبد[4]
قال: فلم أصبر أن ضحكت. فغضب و ذهب.
[1]العضرفوط: ضرب من العظاء، و العظاء جمع عظاية؛ و هي دويبة على خلق سام أبرص. الورد: ما ورد من جماعة الطير و الإبل. القوارب: جمع قارب، و هو طالب الماء ليلا.
[2]الخلة: ما فيه حلاوة من المرعى. الأوق: الثقل و الشؤم.