فلما قال[1]: [من البسيط]
يا أحمد المرتجى في كلّ نائبة # قم سيّدي نعص جبّار السّماوات[2]
غطّى هذا على الأوّل. و هذا البيت مع كفره مقيت جدا. و كان يكثر في هذا الباب.
و أما سوى هذا الفنّ فلم يعرفوا له الخطإ إلا قوله[3]: [من السريع]
أ مستخبر الدّار هل تنطق # أنا مكان الدار لا أنطق
كأنها إذ خرست جارم # بين ذوي تفنيده مطرق[4]
فعابوه بذلك، و قالوا: لا يقول أحد: لقد سكت هذا الحجر، كأنّه إنسان ساكت، و إنما يوصف خرس الإنسان بخرس الدّار، و يشبّه صممه بصمم الصّخر.
و عابوه بقوله، حين وصف عين الأسد بالجحوظ، فقال[5]: [من السريع]
كأنّ عينه إذا التهبت # بارزة الجفن عين مخنوق
و هم يصفون عين الأسد بالغئور. قال الرّاجز[6]: [من الرجز]
كأنما ينظر من جوف حجر
و قال أبو زبيد[7]: [من البسيط]
كأنّ عينيه في وقبين من حجر # قيضا اقتياضا بأطراف المناقير[8]
و مع هذا فإنّا لا نعرف بعد بشّار أشعر منه.
[1]ديوان أبي نواس 174.
[2]أحمد: هو أحمد بن أبي صالح، و قد كان أبو نواس يتعشقه.
[3]لم يرد البيتان في ديوان أبي نواس، و ورد البيت الثاني في الصناعتين 86.
[4]الجارم: الجاني. التفنيد: التكذيب، و المراد هنا: اللوم و العذل.
[5]ديوان أبي نواس 452، و الصناعتين 134.
[6]الرجز لحميد الأرقط في أراجيز العرب 22، و بلا نسبة في الصناعتين 134.
[7]ديوان أبي زبيد 623، و الصناعتين 134.
[8]الوقب في الحجر: نقرة يجتمع فيها الماء. قيضا: حفرا. اقتياضا: استئصالا. المناقير: جمع منقار، و هو حديدة كالفأس ينقر بها. ـ