responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 4  صفحه : 468

يدلّ على ذلك في قدر ما شاهدنا أنّهم يخرجون إلى الصّحارى الأغفال، التي لم يذعر صيدها، و لا يطؤها النّاس، فيأتون الوحش فوضى هملا، و معهم كلابهم و فهودهم تتلوى بأيديهم، فيتقدّمون إلى المواضع التي لو كانوا ابتدءوا الصّيد من جهتها لأخذوا ما أخذوا فإذا نفرت وحوش هذه الأرض، و مرّت بالأرض المجاورة لها، نفرت سكّان تلك الأرض مع هذه النّوافر، و لا تعود تلك الصحارى إلى مثل ما كانت عليه، من كثرة الوحش حينا.

و متى لم تنفّرها الأعراب بالكلاب و القسيّ، و نصب الحبائل، رتعت بقربهم، ثمّ دنت منهم أوّلا فأوّلا، حتى تطأ أكناف بيوتهم. و هي اليوم في حير[1]المعتصم باللّه و الواثق باللّه على هذه الصّفة.

1225-[إقبال الظّباء على الناس‌]

و خبّرني إبراهيم بن السّنديّ قال خبرني عبد الملك بن صالح، و إسحاق بن عيسى، و صالح صاحب الموصل، أنّ خالد بن برمك، بينا هو على سطح من سطوح القرى مع قحطبة، و هم يتغدّون، و ذلك في بعض منازلهم، حين فصلوا من خراسان إلى الجبل. قال: و بين قحطبة و بين الأعداء مسيرة أيّام و ليال. قال: فبينا خالد يتغدّى معه و ذلك حين نزلوا و بهم كلال السّير، و حين علّقوا[2]على دوابّهم، و نصبوا قدورهم، و قرّبوا سفرهم‌[3].

قال فنظر خالد إلى الصّحراء، فرأى أقاطيع الظّباء قد أقبلت من جهة الصّحارى، حتى كادت تخالط العسكر، فقال لقحطبة: أيّها الأمير!ناد في النّاس: «يا خيل اللّه اركبي» [4]؛ فإنّ العدوّ قد حثّ إليك السّير، و غاية أصحابك أن يسرجوا و يلجموا قبل أن يروا سرعان الخيل‌[5]. فقام قحطبة مذعورا، فلما لم ير شيئا يروعه، و لم ير غبارا قال لخالد: ما هذا الرّأي!قال: أيّها الأمير!لا تتشاغل بي و بكلامي، و ناد في النّاس.

أما ترى أقاطيع الوحش قد أقبلت، فارقت مواضعها حتّى خالطت الناس؟!إنّ وراءها [1]الحير: البستان.

[2]في اللسان «العليق: القضيم يعلق على الدابة» و القضيم: الشعير.

[3]السّفر: جمع سفرة، و هي طعام المسافر.

[4]الحديث أورده الجاحظ في البيان 2/15، و تقدم في الفقرة (243) ، 1/222.

[5]سرعان الخيل: أوائلها.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 4  صفحه : 468
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست