نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 4 صفحه : 413
لا بدّ من مقدار للحرارة و نحو غرائز أخر، و خاصّيّات أخر، أ لا ترى أنّ القدور التي يوقد تحتها الأيّام و اللّيالي، لا تذوب.
1166-[القول في الخاصّيّات و المقابلات و الغرائز]
و سأدلك على أنّ القول في الخاصّيّات و المقابلات و الغرائز حقّ. أ لا ترى أنّ جوف الكلب و الذّئب يذيبان العظام و لا يذيبان نوى التمر، و نوى التمر أرخى و ألين و أضعف من العظام المصمتة. و ما أكثر ما يهضم العظم. و قد يهضم العظم جوف الأسد و جوف الحيّة. إذا ازدردت بضع اللحم بالشّره و النّهم، و فيها بعض العظام.
و البراذين التي يحيل أجوافها القتّ و التّبن روثا، لا تستمري الشعير.
و الإبل تقبض بأسنانها على أغصان أمّ غيلان، و له شوك كصياصي[1]البقر، و القضبان علكة[2]يابسة جرد، و صلاب متينة، فتستمرئها و تجعلها ثلطا[3]، و لا تقوى على هضم الشّعير المنقع، و ليس ذلك إلاّ بالخصائص و المقابلات.
و قد قدّر كلّ شيء لشيء. و لو لا ذلك لما نفذ خرطوم البعوضة و الجرجسة في جلد الفيل و الجاموس، و لما رأيت الجاموس يهرب إلى الانغماس في الماء مرّة، و مرّة يتلطّخ بالطّين، و مرّة يجعله أهله على ربيث الدكان. و لو دفعوا إليك مسلّة شديدة المتن، لما أدخلتها في جلد الجاموس إلاّ بعد التكلّف، و إلاّ ببعض الاعتماد.
و الذي سخّر جلد الجاموس حتّى انفرى و انصدع لطعنة البعوضة، و سخّر جلد الحمار لطعنة الذّباب، و سخّر الحجارة لجوف الظليم، و العظم لجوف الكلب-هو الذي سخّر الصّخر الصّلب لأذناب الجراد، إذا أرادت أن تلقي بيضها؛ فإنّها في تلك الحال متى عقدت ذنبها في ضاحي صخرة انصدعت لها. و لو كان انصداعها من جهة الأسر[4]، و من قوّة الآلة، و من الصّدم و قوّة الغمز، لا نصدعت لما هو في الحسّ أشدّ و أقوى، و لكنّه على جهة التّسخير، و المقابلات، و الخصائص.
و كذلك عود الحلفاء، مع دقّته و رخاوته و لين انعطافه، إذا نبت في عمق الأرض، و تلقّاه الآجرّ و الخزف الغليظ، ثقب ذلك، عند نباته و شبابه، و هو في ذلك عبقر نضير.
و زعم لي ناس من أهل الأردنّ، أنّهم وجدوا الحلفاء قد خرق جوف القار[5].