و قال أدهم بن أبي الزّعراء، و شبّه نفسه بحيّة: [من الطويل]
و ما أسود بالبأس ترتاح نفسه # إذا حلبة جاءت و يطرق للحسّ
به نقط حمر و سود كأنما # تنضّح نضحا بالكحيل و بالورس[1]
أصمّ قطاريّ يكون خروجه # قبيل غروب الشّمس مختلط الدّمس[2]
له منزل، أنف ابن قترة يغتذي # به السمّ، لم يظهر نهارا إلى الشّمس[3]
يقيل إذا ما قال بين شواهق # تزلّ العقاب عن نفانفها الملس[4]
بأجرأ منّي يا ابنة القوم مقدما # إذا الحرب دبّت أو لبست لها لبسي[5]
فأجابه عنترة الطائي، فقال[6]: [من الطويل]
عساك تمنى من أراقم أرضنا # بأرقم يسقى السمّ من كلّ منطف[7]
و قال عنترة[8]: [من الطويل]
أ ترجو حياة يا ابن بشر بن مسهر # و قد علقت رجلاك في ناب أسودا
أصمّ جباليّ إذا عضّ عضّة # تزايل عنه جلده فتبدّدا
بسلع صفا لم يبد للشّمس قبلها # إذا ما رآه صاحب اليمّ أرعدا[9]
له ربقة في عنقه من قميصه # و سائره عن متنه قد تقدّدا[10]
رقود ضحيّات، كأن لسانه # إذا سمع الأجراس مكحال أرمدا[11]
يفيت النّفوس قبل أن يقع الرّقى # و إن أبرق الحاوي عليه و أرعدا[12]
[1]الكحيل: قطران أسواد اللون يطلى به الإبل، و الورس: نبت يصبغ به.
[2]القطاري: الضخم.
[3]ابن قترة: حية خبيثة، تنطوي ثم تنقز ذراعا أو نحوها.
[4]النفانف: جمع نفنف، و هو صقع الجبل الذي كأنه جدار مبني مستو.
[5]لبسي: أي لباس الحرب.
[6]البيت في شرح ديوان الحماسة للتبريزي 1/118، و محاضرات الراغب 2/305.
[7]المنطف: الموضع ينطف منه السم، أي يقطر.
[8]الأبيات بلا نسبة في لسان العرب، الأول و الثاني في (قطر) ، و الثالث في (سلع) ، و الخامس في (ضحا) .
[9]السلع: الشق. اليم: الحية. أرعد: أصابته رعدة.
[10]الربقة: الحبل. قميصه: جلده المنسلخ.
[11]المكحال الأرمد: ما يكتحل به، و هو أشد سوادا من غيره.
[12]يفيت النفوس: يميتها.