نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 4 صفحه : 367
أسنانه و توجّعت عليه، فيلقى من ذلك الجهد، و ذلك لما كان يتّصل إلى فيه من بخار الدّم، و من ذلك السمّ المخالط لذلك الدّم. ثمّ إنّهم بعد ذلك حشوا أذناب المحاجم بالقطن، فصار القطن لا يمنع قوّة المصّ و الجذب، و لم يدعه يصل إلى فم الحجام.
ثمّ إنّهم بعد مدّة سنيّات[1]أصابوا نبتة في بعض الشّعب[2]، فإذا عالجوا الملسوع بها حسنت حاله.
و الجرّارات تألف الأخواء[3]التي تكون بحضرة الأتاتين[4]، و تألف الحشوش[5] و المواضع الناريّة. و سمّها نار.
و قيل لماسرجويه: قد نجد العقرب تلسع رجلين فتقتل أحدهما و يقتلها الآخر، و ربّما نجت و لم تمت، كما أنّه ربّما عقرت و لم تفت، و نجدها تضرب رجلين في ساعة واحدة، فيختلفان في سوء الحال. و نجدها تختلف مواضع ضررها على قدر الأغذية، و على قدر الأزمان، و على قدر مواضع الجسد. و نجد واحدا يتعالج بالمسوس[6]فيحمده، و نجد آخر يدخل يده في مدخل حارّ من غير أن يكون فيه ماء فيحمده، و نجد آخر يعالجه بالنّخالة الحارّة فيحمدها، و نجد آخر يحجم ذلك الموضع فيحمده، و نجد كلّ واحد من هؤلاء يشكو خلاف ما يوافقه، ثم إنّا نجده يعاود ذلك العلاج عند لسعة أخرى فلا يحمده! قال ماسرجويه: لما اختلفت السّموم في أنفسها بالجنس و القدر، و في الزّمان، باختلاف ما لاقاه اختلف الذي وافقه على حسب اختلافه.
و كان يقول: إنّ قول القائل في العقرب: شرّ ما تكون حين تخرج من جحرها، ليس يعنون من ليلتها-إذ كان لا بدّ من أن يكون لها نصيب من الشدّة-و لكنّهم إنما يعنون: في أوّل ما تخرج من جحرها عند استقبال الصّيف، بعد طول مكثها في غير عالمنا و غذائنا و أنفاسنا و معايشنا.