نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 4 صفحه : 362
معرفتك، لصغر أجسامهما عند جسمك. و لكن كن عند الذي يظهر لك من تلك الحكم، و من ذلك التّدبير، كما قال اللّه عزّ و جلّ: وَ كَتَبْنََا لَهُ فِي اَلْأَلْوََاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ[1]ثم قال: فَخُذْهََا بِقُوَّةٍ وَ أْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهََا[1]ثمّ قال اللّه تعالى: وَ إِذْ نَتَقْنَا اَلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ وََاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مََا آتَيْنََاكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اُذْكُرُوا مََا فِيهِ[2]. و قد قال عامر بن عبد قيس: «الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب، و إذا خرجت من اللسان لم تجاوز الآذان» [3].
1112-[حث على التنبّه عند النظر]
و أنا أعيذ نفسي باللّه أن أقول إلاّ له، و أعيذك باللّه أن تسمع إلاّ له. و قد قال اللّه عزّ و جلّ: وَ إِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى اَلْهُدىََ لاََ يَسْمَعُوا وَ تَرََاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَ هُمْ لاََ يُبْصِرُونَ[4]فاحذر من أن تكون منهم، و ممّن ينظر إلى حكمة اللّه و هو لا يبصرها، و ممّن يبصرها بفتح العين و استماع الآذان؛ و لكن بالتوقف من القلب، و التثبت من العقل، و بتحفيظه و تمكينه من اليقين، و الحجّة الظاهرة. و لا يراها من يعرض عنها.
و قد قال اللّه عزّ و جلّ: وَ لاََ تَكُونُوا كَالَّذِينَ قََالُوا سَمِعْنََا وَ هُمْ لاََ يَسْمَعُونَ[5] و قال: إِنَّ شَرَّ اَلدَّوَابِّ عِنْدَ اَللََّهِ اَلصُّمُّ اَلْبُكْمُ اَلَّذِينَ لاََ يَعْقِلُونَ[6]و لو كانوا صمّا بكما و كانوا هم لا يعقلون، لما عيّرهم بذلك، كما لم يعيّر من خلقه معتوها كيف لم يعقل، و من خلقه أعمى كيف لم يبصر، و كما لم يلم الدوابّ، و لم يعاقب السّباع. و لكنّه سمّى البصير المتعامي أعمى، و السميع المتصامم أصمّ، و العاقل المتجاهل جاهلا.
و قد قال اللّه عزّ و جلّ: فَانْظُرْ إِلىََ آثََارِ رَحْمَتِ اَللََّهِ كَيْفَ يُحْيِ اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهََا إِنَّ ذََلِكَ لَمُحْيِ اَلْمَوْتىََ وَ هُوَ عَلىََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[7]فانظر كما أمرك اللّه، و انظر من الجهة التي دلّك منها، و خذ ذلك بقوة. قال تعالى: خُذُوا مََا آتَيْنََاكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اُذْكُرُوا مََا فِيهِ*[8].