نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 4 صفحه : 358
قال عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه لأبي مريم الحنفيّ: «لأنا أشدّ لك بغضا من الأرض للدم» [1].
و زعم صاحب المنطق أنّ الأرض لا تشرب الدّم، إلاّ يسيرا من دماء الإبل خاصّة.
1103-[اختبار العسل]
و إذا أرادوا أن يمتحنوا جودة العسل من رداءته، قطروا على الأرض منه قطرة.
فإذا استدارت كأنها قطعة زئبق، و لم تأخذ من الأرض و لم تعطها فهو الماذيّ الخالص الذّهبيّ. فإن كان فيه غشوشة نفشت القطرة على قدر ما فيها، و أخذت من الأرض و أعطتها. و إن لم يقدروا على اللّحم الغريض دفنوه و غرّقوه في العسل، فإنهم متى رجعوا فغسلوه عنه وجدوه غضّا طريّا، لأنّه ذهبيّ الطّباع، ليس بينه و بين سائر الأجرام شيء. فهو لا يعطيه شيئا و لا يأخذ منه. و كذلك الذّهب إذا كان مدفونا.
1104-[زمن الفطحل]
و هذه الأحاديث، و هذه الأشعار، تدلّ على أنّهم قد كانوا يقولون: إنّ الصخور كانت رطبة ليّنة، و إنّ كلّ شيء قد كان يعرف و ينطق و إنّ الأشجار و النّخل لم يكن عليها شوك. و قد قال العجّاج، أو رؤبة[2]: [من الرجز]
أو عمر نوح زمن الفطحل # و الصّخر مبتلّ كطين الوحل
1105-[مرويات كعب الأحبار]
و أنا أظنّ أنّ كثيرا ممّا يحكى عن كعب أنّه قال: «مكتوب في التوراة» أنّه إنّما قال: «نجد في الكتب» ، و هو إنّما يعني كتب الأنبياء، و الذي يتوارثونه من كتب سليمان؛ و ما في كتبهم من مثل كتب أشعياء و غيره. و الذين يروون عنه في صفة عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، و أشباه ذلك، فإن كانوا صدقوا عليه و كان الشيخ لا يضع الأخبار فما كان وجه كلامه عندنا إلاّ على ما قلت لك.
[1]انظر عيون الأخبار 3/13، و الكامل 1/355، (طبعة المعارف) ، و البيان 1/376، 2/89، 3/60.