responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 4  صفحه : 353

و الرّقاء يوهم النّاس إذا دخل دورهم لاستخراج الحيّات أنّه يعرف أماكنها برائحتها، فلذلك يأخذ قصبة و يشعب رأسها، ثم يطعن بها في سقف البيت و الزّوايا، ثمّ يشمها و يقول مرة: فيها حيّات؛ و يقول مرّة: بلى فيها حيّات، على قدر الطمع في القوم، و في عقولهم.

1097-[تأثير الأصوات في المخلوقات‌]

و أمر الصّوت عجيب، و تصرّفه في الوجوه عجب. فمن ذلك أنّ منه ما يقتل، كصوت الصاعقة. و منها ما يسرّ النفوس حتى يفرط عليها السّرور؛ فتقلق حتى ترقص، و حتّى ربما رمى الرّجل بنفسه من حالق‌[1]. و ذلك مثل هذه الأغاني المطربة.

و من ذلك ما يكمد. و من ذلك ما يزيل العقل حتى يغشى على صاحبه، كنحو هذه الأصوات الشجية، و القراءات الملحّنة. و ليس يعتريهم ذلك من قبل المعاني؛ لأنهم في كثير من ذلك لا يفهمون معاني كلامهم. و قد بكى ماسرجويه من قراءة أبي الخوخ، فقيل له: كيف بكيت من كتاب اللّه و لا تصدّق به؟قال: إنما أبكاني الشجا! و بالأصوات ينوّمون الصّبيان و الأطفال.

و الدّوابّ تصرّ[2]آذانها إذا غنّى المكاري. و الإبل تصرّ آذانها إذا حدا في آثارها الحادي، و تزداد نشاطا، و تزيد في مشيها. و يجمع بها الصّيّادون السّمك في حظائرهم التي يتّخذونها له. و ذلك أنّهم يضربون بعصيّ معهم، و يعطعطون‌[3]، فتقبل أجناس السّمك شاخصة الأبصار مصغية إلى تلك الأصوات، حتّى تدخل في الحظيرة و يضرب بالطّساس للطّير، و تصاد بها. و يضرب بالطّساس للأسد و قد أقبلت، فتروعها تلك الأصوات.

و قال صاحب المنطق: الأيائل تصاد بالصّفير و الغناء. و هي لا تنام ما دامت تسمع ذلك من حاذق الصوت. فيشغلونها بذلك و يأتون من خلفها فإن رأوها مسترخية الآذان وثبوا عليها، و إن كانت قائمة الأذنين فليس إليها سبيل.

و الصّفير تسقى به الدوابّ الماء، و تنفّر به الطير عن البذور.


[1]الحالق: الجبل المرتفع. (القاموس: حلق) .

[2]صرت الدابة أذنها: نصبتها للاستماع. (القاموس: صرر) .

[3]العطعطة: تتابع الأصوات و اختلاطها في الحرب و غيرها، و حكاية صوت المجان (القاموس: عطط) .

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 4  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست