1080-[القول في القنفذ]
و كذلك يشبه النّمّام، و المداخل، و الدّسيس، بالقنفذ، لخروجه بالليل دون النهار، و لاحتياله للأفاعي. قال عبدة بن الطبيب[1]: [من الكامل]
اعصوا الذي يلقي القنافذ بينكم # متنصّحا و هو السّمام الأنقع
يزجي عقاربه ليبعث بينكم # حربا كما بعث العروق الأخدع[2]
حرّان لا يشفي غليل فؤاده # عسل بماء في الإناء مشعشع[3]
لا تأمنوا قوما يشب صبيهم # بين القوابل بالعداوة ينشع[4]
و هذا البيت الآخر يضم إلى قول مجنون بني عامر[5]: [من الطويل]
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى # فصادف قلبا خاليا فتمكنا
و يضم إليه قول ابن أود: «الطينة تقبل الطبائع ما كانت ليّنة» .
ثم قال عبدة بن الطّبيب[6]، في صلة الأبيات التي ذكر فيها القنفذ و النّميمة:
[من الكامل]
إنّ الذين ترونهم خلاّنكم # يشفي صداع رءوسهم أن تصرعوا
قوم إذا دمس الظّلام عليهم # جذعوا قنافذ بالنميمة تمزع
و هذا الشعر من غرر الأشعار. و هو ممّا يحفظ.
و قال الأوديّ[7]: [من البسيط]
كقنفذ القنّ لا تخفى مدارجه # خبّ إذا نام عنه الناس لم ينم[8]
[1]ديوان عبدة بن الطبيب 47، و شرح اختيارات المفضل 693؛ و حماسة البحتري 240.
[2]في ديوانه: يزجي: يسوق و يدفع، و الأخدعان: عرقا الرقبة.
[3]في ديوانه: شعشع العسل بالماء: خلطه.
[4]القوابل: جمع قابلة، و هي التي تتلقى الولد وقت الولادة. ينشع بالعداوة: أي توضع في فمه ليشربها.
[5]البيت لمجنون ليلى في ديوانه 282، و البيان 2/42، و ليزيد بن الطثرية في ديوانه 109، و الحماسة الشجرية، و لعمر بن أبي ربيعة في عيون الأخبار 3/9.
[6]البيتان في المفضليات 147، و حماسة البحتري 155.
[7]ديوان الأفوه الأودي 24، و هو لأيمن بن خريم في ديوان المعاني 2/144.
[8]القن، بالكسر، قرية في ديار فزارة، و بالضم، جبل من جبال أجإ عند ذي الجليل واد. (معجم البلدان 4/408) . الخب: الخداع.