نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 4 صفحه : 312
و قد أقررنا بعجيب ما نرى من مطالع النّجوم، و من تناهي المدّ و الجزر على قدر امتلاء القمر، و نقصانه و زيادته، و محاقه[1]و استراره[2]. و كلّ شيء يأتي على هذا النّسق من المجاري، فإنّما الآية فيه للّه وحده على وحدانيّته.
فإذا قال قائل لأهل شريعة[3]و لأهل مرسى، من أصحاب بحر أو نهر أو واد، أو عين، أو جدول: تأتيكم الحيتان في كلّ سبت، أو قال: في كلّ رمضان. و رمضان متحوّل الأزمان في الشّتاء و الصيف و الرّبيع و الخريف. و السّبت يتحوّل في جميع الأزمان. فإذا كان ذلك كانت تلك الأعجوبة فيه دالة على توحيد اللّه تعالى، و على صدق صاحب الخبر، و أنّه رسول ذلك المسخّر لذلك الصّنف. و كان ذلك المجيء خارجا من النّسق القائم، و العادة المعروفة. و هذا الفرق بذلك بيّن. و الحمد للّه.
1017-[شنعة المسخ على صورة الخنزير و القرد]
قال اللّه تعالى: فَلَمََّا عَتَوْا عَنْ مََا نُهُوا عَنْهُ قُلْنََا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خََاسِئِينَ[4] و في الموضع الذي ذكر أنّه مسخ ناسا خنازير قد ذكر القرود. و لم يذكر أنّه مسخ قوما خنازير، و لم يمسخ منهم قرودا. و إذا كان الأمر كذلك فالمسخ على صورة القردة أشنع؛ إذ كان المسخ على صورتها أعظم، و كان العقاب به أكبر. و إنّ الوقت الذي قد ذكر أنّه قد مسخ ناسا قرودا فقد كان مسخ ناسا خنازير. فلم يدع ذكر الخنازير و ذكر القرود؛ إلاّ و القرود في هذا الباب أوجع و أشنع و أعظم في العقوبة، و أدلّ على شدّة السّخطة. هذا قول بعضهم.
1018-[استطراد لغوي]
قال: و يقال لموضع الأنف من السّباع الخطم، و الخرطوم-و قد يقال ذلك للخنزير-و الفنطيسة[5]، و الجمع الفناطيس. و قال الأعرابيّ: كأنّ فناطيسها كراكر[6] الإبل.
[1]المحاق: آخر الشهر، أو ثلاث ليال من آخره، أو أن يستسر القمر فلا يرى غدوة و لا عشية.