نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 4 صفحه : 304
زمانه؛ لأنّه نبيّ ابن نبيّ، و كان يوسف وزير ملك مصر من النّباهة بالموضع الذي لا يدفع، و له البرد، و إليه يرجع جواب الأخبار، ثمّ لم يعرف يعقوب مكان يوسف، و لا يوسف مكان يعقوب عليهما السلام-دهرا من الدّهور، مع النّباهة، و القدرة، و اتّصال الدار.
1004-[القول في موسى بن عمران]
و كذلك القول في موسى بن عمران و من كان معه في التّيه، فقد كانوا أمّة من الأمم يتكسّعون أربعين عاما، في مقدار فراسخ يسيرة و لا يهتدون إلى المخرج. و ما كانت بلاد التّيه إلاّ من ملاعبهم و منتزهاتهم. و لا يعدم مثل ذلك العسكر الأدلاّء و الجمّالين، و المكارين[1]، و الفيوج[2]، و الرّسل، و التّجار. و لكنّ اللّه صرف أوهامهم، و رفع ذلك الفصل[3]من صدورهم.
1005-[القول في الشياطين]
و كذلك القول في الشّياطين الذين يسترقون السّمع في كلّ ليلة، فنقول: إنّهم لو كان كلما أراد مريد منهم أن يصعد ذكر أنّه قد رجم صاحبه، و أنّه كذلك منذ كان لم يصل معه أحد إلى استراق السّمع، كان محالا أن يروم ذلك أحد منهم مع الذّكر و العيان.
و مثل ذلك أنّا قد علمنا أنّ إبليس لا يزال عاصيا إلى يوم البعث. و لو كان إبليس في حال المعصية ذاكرا لإخبار اللّه تعالى أنّه لا يزال عاصيا و هو يعلم أنّ خبره صدق، كان محالا أن تدعوه نفسه إلى الإيمان، و يطمع في ذلك، مع تصديقه بأنّه لا يختار الإيمان أبدا.
و من المحال أن يجمع بين وجود الاستطاعة و عدم الدّواعي و جواز الفعل.
و لو أنّ رجلا علم يقينا أنّه لا يخرج من بيته يومه ذلك، كان محالا أن تدعوه نفسه إلى الخروج، مع علمه بأنّه لا يفعل. و لكنّ إبليس لما كان مصروف القلب عن ذكر ذلك الخبر، دخل في حدّ المستطيعين.
[1]المكارين: جمع مكار، و هو الذي يؤجر دابته للناس. انظر اللسان (كرى) .
[2]الفيوج: جمع فيج: رسول السلطان الذي يسعى بالكتب. (اللسان: فيج) .