و قال أبو الحسن: وفد جرير على هشام، فقال الحضرمي: أيّكم يشتمه؟ فقالوا: ما أحد يقدم عليه!قال: فأنا أشتمه و يرضى و يضحك!قال: فقام إليه فقال:
أنت جرير؟قال: نعم. قال: فلا قرّب اللّه دارك و لا حيّا مزارك!يا كلب!فجعل جرير ينتفخ، ثمّ قال له: رضيت في شرفك و فضلك و عفافك أن تهاجي القرد العاجز؟! يعني الفرزدق. فضحك.
فحدّث صديق لي أبا الصّلع السّنديّ بهذا الحديث، قال: فشعري أعجب من هذا لأني شتمت البخلاء، فشتمت نفسي بأشدّ ممّا شتمتهم. فقال: و ما هو؟قال قولي: [من مجزوء الرمل]
لا ترى بيت هجاء # أبدا يسمع منّي
الهجا أرفع ممّن # قدره يصغر عنّي
994-[احتيال بعض الناس]
قال أبو الحسن: كان واحد يسخر بالنّاس، و يدّعي أنّه يرقي من الضّرس إذا ضرب على صاحبه. فكان إذا أتاه من يشتكي ضرسه قال له إذا رقاه: إيّاك أن تذكر إذا صرت إلى فراشك القرد؛ فإنّك إن ذكرته بطلت الرّقية!فكان-إذا آوى إلى فراشه- أوّل شيء يخطر على باله ذكر القرد، و يبيت على حاله من ذلك الوجع، فيغدو إلى الذي رقاه فيقول له: كيف كنت البارحة؟فيقول: بتّ وجعا!فيقول: لعلّك ذكرت القرد!فيقول: نعم!فيقول: من ثمّ لم تنتفع بالرّقية!