نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 4 صفحه : 282
و زعم بعض الأطبّاء و الفلاسفة، أنّ الحيّات و الأفاعي تؤكل نيئة و مطبوخة، و مشويّة، و أنّها تغذو غذاء حسنا.
و زعم أبو زيد، أنّه دخل على رؤبة، و عنده جرذان قد شواهنّ، فإذا هو يأكلهنّ، فأنكر ذلك عليه، فقال رؤبة: هنّ خير من اليرابيع و الضّباب و أطيب؛ لأنها عندكم تأكل الخبز و التمر و أشباه ذلك. و كفاك بأكل الجرذان[1]! و لو لا هول الحيّات في الصّدور من جهة السّمرم، لكانت جهة التقذّر أسهل أمرا من الجرذان.
و ناس من السّفالة يأكلون الذّبّان. و أهل خراسان يعجبون باتخاذ البزماورد من فراخ الزّنابير، و يعافون أذناب الجراد الأعرابيّ السمين. و ليس بين ريح الجراد إذا كانت مشويّة و بين ريح العقارب مشويّة فرق. و الطّعم تبع للرائحة: خبيثها لخبيثها، و طيّبها لطيّبها.
و قد زعم ناس، ممن يأكلون العقارب مشويّة و نيئة، أنها كالجراد السّمان.
و كان الفضل بن يحيى يوجّه خدمه في طلب فراخ الزّنابير ليأكلها. و فراخها ضرب من الذّبان.
فأمّا لحوم البراذين فقد كثر علينا و فينا، حتى أنسنا به. و زعم بعضهم أنّه لم يأكل أطيب من رأس برذون و سرّته. فأمّا السّرّة و المعرف[2]فإنهم يزاحمون بها الجداء و الدّجاج. و يقدّمون الأسرام المحشوّة.
و من أصحابنا من يأكل السراطين أكلا ذريعا. فأما الرق[3]و الكوسج[4]فهو من أعجب طعام البحريّين. و أهل البحر يأكلون البلبل فهو اللّحم الذي في جوف الأصداف.
و الأعرابيّ إذا وجد أسود سالخا، رأى فيه ما لا يرى صاحب الكسمير في كسميره.
[1]ورد الخبر في الأغاني 20/350، و فيه أنه يأكل الفئران.