responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 4  صفحه : 279

و قال تعالى: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ اَلْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ [1] فكان في ذلك دليل على ذمّ طباعه، و الإخبار عن تسرّعه و بذائه. و عن جهله في تدبيره، و تركه و أخذه. و لم يقل إني مسخت أحدا من أعدائي كلبا.

و ذكر الذّرّة فقال: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقََالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. `وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقََالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [2]فكان ذلك دليلا على أنّه من الغايات في الصّغر و القلّة، و في خفّة الوزن و قلة الرجحان. و لم يذكر أنّه مسخ أحدا من أعدائه ذرّة.

و ذكر الحمار فقال: كَمَثَلِ اَلْحِمََارِ يَحْمِلُ أَسْفََاراً [3]فجعله مثلا في الجهل و الغفلة، و في قلّة المعرفة و غلظ الطّبيعة. و لم يقل إنّي مسخت أحدا من أعدائي حمارا. و كذلك جميع ما خلق و ذكر من أصناف الحيوان بالذّمّ و الحمد.

فأمّا غير ذلك ممّا ذكر من أصناف الحيوان، فإنّه لم يذكره بذمّ و لا نقص، بل قد ذكر أكثرهنّ بالأمور المحمودة، حتّى صار إلى ذكر القرد فقال: وَ جَعَلَ مِنْهُمُ اَلْقِرَدَةَ وَ اَلْخَنََازِيرَ [4]فلم يكن لهما في قلوب النّاس حال. و لو لم يكن جعل لهما في صدور العامّة و الخاصّة من القبح و التّشويه، و نذالة النّفس، ما لم يجعله لشي‌ء غيرهما من الحيوان، لما خصّهما اللّه تعالى بذلك.

و قد علمنا أنّ العقرب أشدّ عداوة و أذى، و أفسد، و أنّ الأفعى و الثّعبان و عامّة الأحناش، أبغض إليهم و أقتل لهم، و أنّ الأسد أشدّ صولة، و أنّهم عن دفعهم له أعجز، و بغضهم له على حسب قوّته عليهم، و عجزهم عنه، و على حسب سوء أثره فيهم.

و لم نره تعالى مسخ أحدا من أعدائه على صورة شي‌ء من هذه الأصناف.

و لو كان الاستنذال و الاستثقال و الاستسقاط أراد، لكان المسخ على صورة بنات وردان أولى و أحقّ. و لو كان التّحقير و التّصغير أراد، لكانت الصّؤابة و الجرجسة أولى بذلك. و لو كان إلى الاستصغار ذهب لكان الذّرّ و القمل و الذّباب أولى بذلك.

و الدّليل على قولنا قوله تبارك و تعالى: إِنَّهََا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ اَلْجَحِيمِ.

طَلْعُهََا كَأَنَّهُ رُؤُسُ اَلشَّيََاطِينِ [5]و ليس أن النّاس رأوا شيطانا قطّ على صورة، و لكن [1]176/الأعراف: 7.

[2]7-8/الزلزلة: 99، و انظر التعليق نفسه في ثمار القلوب (645) .

[3]5/الجمعة: 62.

[4]60/المائدة: 5.

[5]64-65/الصافات: 37، و انظر التعليق نفسه في ثمار القلوب (157) .

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 4  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست