نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 67
و إذ هو لا يستبّ خصمان عنده # و لا القول مرفوع بجد و لا هزل
فإن خبز إسماعيل حلّ به الذي # أصاب كليبا لم يكن ذاك عن بذل
و لكن قضاء ليس يسطاع دفعه # بحيلة ذي دهي و لا فكر ذي عقل
620-[الأعراب أشعر من أهل الأمصار]
و القضية التي لا أحتشم منها، و لا أهاب الخصومة فيها: أنّ عامّة العرب و الأعراب و البدو و الحضر من سائر العرب، أشعر من عامّة شعراء الأمصار و القرى، من المولدة و النابتة. و ليس ذلك بواجب لهم في كلّ ما قالوه.
و قد رأيت ناسا منه يبهرجون أشعار المولّدين، و يستسقطون من رواها و لم أر ذلك قطّ إلاّ في رواية للشعر غير بصير بجوهر ما يروى. و لو كان له بصر لعرف موضع الجيّد ممّن كان، و في أيّ زمان كان.
و أنا رأيت أبا عمرو الشيبانيّ و قد بلغ من استجادته لهذين البيتين، و نحن في المسجد يوم الجمعة، أن كلّف رجلا حتى أحضره دواة و قرطاسا حتّى كتبهما له.
و أنا أزعم أنّ صاحب هذين البيتين لا يقول شعرا أبدا. و لو لا أن أدخل في الحكم بعض الفتك؛ لزعمت أنّ ابنه لا يقول شعرا أبدا، و هما قوله[1]: [من السريع]
لا تحسبنّ الموت موت البلى # فإنّما الموت سؤال الرّجال
كلاهما موت و لكنّ ذا # أفظع من ذاك لذلّ السّؤال
621-[القول في المعنى و اللفظ]
و ذهب الشّيخ إلى استحسان المعنى، و المعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجميّ و العربيّ، و البدويّ و القروي، و المدنيّ. و إنّما الشأن في إقامة الوزن، و تخيّر اللفظ، و سهولة المخرج، و كثرة الماء، و في صحّة الطبع و جودة السّبك، فإنما الشعر صناعة، و ضرب من النّسج، و جنس من التّصوير.
و قد قيل للخليل بن أحمد: ما لك لا تقول الشّعر؟قال: «الذي يجيئني لا أرضاه، و الذي أرضاه لا يجيئني» [2].