و نصّت ركاب للصّبا فتروّحت # لهنّ بما هاج الحبيب خبيب[1]
و طنّ فناء الحيّ حتّى كأنّه # رحى منهل من كرّهنّ نحيب
بني عمّنا لا تعجلوا، ينضب الثّرى # قليلا و يشفى المترفين طبيب
فلو قد تولّى النّبت و امتيرت القرى # و حنّت ركاب الحيّ حين تثوب
و صار غبوق الخود و هي كريمة # على أهلها، ذو جدّتين مشوب[3]
و صار الّذي في أنفه خنزوانة # ينادى إلى هادي الرّحى فيجيب[3]
أولئك أيّام تبيّن ما الفتى # أكاب سكيت أم أشمّ نجيب
609-[شعر لأنس بن أبي إياس]
و قال: و لما ولي حارثة بن بدر سرّق، كتب إليه أنس بن أبي إياس الدّؤلي[4]:
[من الطويل]
أ حار بن بدر قد وليت ولاية # فكن جرذا فيها تخون و تسرق
و باه تميما بالغنى إنّ للغنى # لسانا به المرء الهيوبة ينطق
و لا تحقرن يا حار شيئا ملكته # فحظّك من ملك العراقين سرّق
فإنّ جميع النّاس إمّا مكذّب # يقول بما يهوى، و إمّا مصدّق
يقولون أقوالا و لا يعرفونها # و لو قيل هاتوا حقّقوا لم يحقّقوا
و قال بعض الأعراب: [من الطويل]
فلمّا رأينا القوم ثاروا بجمعهم # رعينا الحديث و هو فيهم مضيّع
و أدركنا من عزّ قيس حفيظة # و لا خير فيمن لا يضرّ و ينفع
610-[أقوال مأثورة]
و يقال إنّ رجلا قال لبعض السّلاطين: الدّنيا بما فيها حديث، فإن استطعت أن تكون من أحسنها حديثا فافعل! [1]خبيب: سرعة الجري «القاموس: خبّ» .
[2]الغبوق: ما يشرب بالعشي «القاموس: غبق» الخود: الشابة الحسنة الخلق «القاموس: خود» .
[3]الخنزوانة: الكبر. هادي الرحى: مقبضها.
[4]الأبيات لأنس الدؤلي في عيون الأخبار 1/58، و أمالي المرتضى 2/49-51، و معجم البلدان (سرق) ، و محاضرات الراغب 1/83، و زهر الآداب 986 (طبعة زكي مبارك) .