نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 220
و زعموا أنّه ليس لقوله: «كان يعجبه الفأل الحسن و يكره الطيرة» [1]معنى. و قالوا:
إن كان ليس لقول القائل: يا هالك، و أنت باغ، وجه و لا تحقيق، فكذلك إذا قال: يا واجد، ليس له تحقيق، و ليس قوله يا مضلّ و يا مهلك، أحقّ بأن يكون لا يوجب ضلالا و لا هلاكا من قوله يا واجد، و يا ظافر، من ألاّ يكون يوجب ظفرا و لا وجودا.
فإمّا أنّ يكونا جميعا يوجبان، و إما أن يكونا جميعا لا يوجبان. قيل لهم: ليس التأويل ما إليه ذهبتم. لو أن النّاس أمّلوا فائدة اللّه عزّ و جلّ و رجوا عائدته، عند كلّ سبب ضعيف و قويّ، لكانوا على خير. و لو غلطوا في جهة الرّجاء لكان لهم بنفس ذلك الرّجاء خير. و لو أنهم بدل ذلك قطعوا أملهم و رجاءهم من اللّه تعالى، لكان ذلك من الشرّ و الفأل، أن يسمع كلمة في نفسها مستحسنة. ثمّ إن أحبّ بعد ذلك أو عند ذلك أنّ يحدث طمعا فيما عند اللّه تعالى، كان نفس الطمع خلاف اليأس.
و إنما خبّر أنّه كان يعجبه. و هذا إخبار عن الفطرة كيف هي، و عن الطبيعة إلى أيّ شيء تتقلب.
و قد قيل لبعض الفقهاء[2]: ما الفأل؟قال: أن تسمع و أنت مضلّ: يا واجد، و أنت خائف: يا سالم. و لم يقل إنّ الفأل يوجب لنفسه السلامة. و لكنّهم يحبّون له إخراج اليأس و سوء الظن و توقّع البلاء من قلبه على كل حال-و حال الطيرة حال من تلك الحالات-و يحبون أن يكون لله راجيا، و أن يكون حسن الظن. فإن ظنّ أن ذلك المرجوّ يوافق بتلك الكلمة ففرح بذلك فلا بأس.
875-[تطير بعض البصريين]
و قال الأصمعيّ[3]: هرب بعض البصريين من بعض الطّواعين، فركب و مضى بأهله نحو سفوان، فسمع غلاما له أسود يحدو خلفه، و هو يقول: [من الرجز]
لن يسبق اللّه على حمار # و لا على ذي ميعة مطّار[4]
أو يأتي الحين على مقدار # قد يصبح اللّه أمام السّاري