نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 196
لحريص على الحياة!و لو كان حين قال إني يوم أقتل جوّابا إنما عنى النهار دون اللّيل، كان عند نفسه إذا قتله تلك القتلة ليلا لم يأثم به. و هذا أيضا كقوله تعالى: وَ لاََ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فََاعِلٌ ذََلِكَ غَداً `إِلاََّ أَنْ يَشََاءَ اَللََّهُ[1].
و لو كان هذا المعنى إنما يقع على ظاهر اللفظ دون المستعمل بين الناس، لكان إذا قال من أوّل الليل: إني فاعل ذلك غدا في السّحر، أو مع الفجر أو قال الغداة:
إني فاعل يومي كلّه، و ليلتي كلها، لم يكن عليه حنث، و لم يكن مخالفا إذا لم يستثن، و كان إذن لا يكون مخالفا إلاّ فيما وقع عليه اسم غد. فأمّا كلّ ما خالف ذلك في اللّفظ فلا. و ليس التّأويل كذلك لأنّه جلّ و علا إنما ألزم عبده أن يقول: إن شاء اللّه، ليتّقى عادة التألّي[2]و لئلا يكون كلامه و لفظه يشبه لفظ المستبدّ و المستغني، و على أن يكون عند ذلك ذاكر اللّه، لأنه عبد مدبّر، و مقلّب ميسر، و مصرّف مسخّر.
و إذا كان المعنى فيه، و الغاية التي جرى إليها اللفظ، إنما هو على ما وصفنا، فليس بين أن يقول أفعل ذلك بعد طرفة، و بين أن يقول أفعل ذلك بعد سنة فرق.
و أمّا قوله: فَأَصْبَحَ مِنَ اَلنََّادِمِينَ فليس أنّه كان هنالك ناس قتلوا إخوتهم و ندموا فصار هذا القاتل واحدا منهم؛ و إنما ذلك على قوله لآدم و حوّاء عليهما السلام: وَ لاََ تَقْرَبََا هََذِهِ اَلشَّجَرَةَ فَتَكُونََا مِنَ اَلظََّالِمِينَ*[3]، على معنى أن كلّ من صنع صنيعكما فهو ظالم.
838-[الاستثناء في القسم]
و عجبت من ناس ينكرون قولنا في الاستثناء، و قد سمعوا اللّه عزّ و جلّ يقول: