responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 163

فانظر، أيّة واقية و أيّة حافظة، و أيّ حارس، و أيّ حصن أنشأه لها هذا القول! و أيّ حظّ كان لها حين صدّقوا بهذا الخبر هذا التصديق!و الطّمع هو الذي أثار هذا الأمر من مدافنه، و الفقر هو الذي اجتذب هذا الطّمع و اجتلبه. و لكن الويل لها إن ألحّت على غنيّ عالم، و خاصّة إن كان مع جدته و علمه حديدا عجولا.

793-[اعتقاد العامة في أمير الذّبّان‌]

و قد كانوا يقتلون الذباب الكبير الشديد الطنين الملحّ في ذلك، الجهير الصوت، الذي تسميه العوامّ: «أمير الذّبّان» ، فكانوا يحتالون في صرفه و طرده و قتله، إذا أكربهم بكثرة طنينه و زجله و هماهمه فإنّه لا يفتر. فلمّا سقط إليهم أنّه مبشّر بقدوم غائب و برء سقيم، صاروا إذا دخل المنزل و أوسعهم شرّا، لم يهجه أحد منهم.

و إذا أراد اللّه عزّ و جلّ أن ينسئ في أجل شي‌ء من الحيوان هيّأ لذلك سببا، كما أنّه إذا أراد أن يقصر عمره و يحين يومه هيّأ لذلك سببا. فتعالى اللّه علوّا كبيرا! ثمّ رجع بنا القول إلى إلحاح الذّبّان.

794-[إلحاح الذّباب‌]

كان لنا بالبصرة قاض يقال له عبد اللّه بن سوّار، لم ير النّاس حاكما قطّ و لا زمّيتا و لا ركينا، و لا وقورا حليما، ضبط من نفسه و ملك من حركته مثل الذي ضبط و ملك. كان يصلّي الغداة في منزله، و هو قريب الدّار من مسجده، فيأتي مجلسه فيحتبي و لا يتّكئ، فلا يزال منتصبا و لا يتحرّك له عضو، و لا يلتفت، و لا يحلّ حبوته‌[2]و لا يحوّل رجلا عن رجل، و لا يعتمد على أحد شقّيه، حتّى كأنّه بناء مبنيّ، أو صخرة منصوبة. فلا يزال كذلك، حتّى يقوم إلى صلاة الظهر ثمّ يعود إلى مجلسه فلا يزال كذلك حتى يقوم إلى العصر، ثمّ يرجع لمجلسه، فلا يزال كذلك حتى يقوم لصلاة المغرب، ثمّ ربما عاد إلى محلّه، بل كثيرا ما كان يكون ذلك إذا بقي عليه من قراءة العهود و الشّروط و الوثائق، ثمّ يصلّي العشاء الأخيرة و ينصرف.

فالحق يقال: لم يقم في طول تلك المدّة و الولاية مرّة واحدة إلى الوضوء، و لا احتاج إليه، و لا شرب ماء و لا غيره من الشّراب. كذلك كان شأنه في طوال الأيام و في [1]وردت القصة في ثمار القلوب 396 (725) ، و أمالي المرتضى 2/105 (4/22) .

[2]الاحتباء: أن يضم الرجل رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره، و يشده عليها، و هو منهي عنه كما في الحديث الوارد في النهاية 1/335، و اللسان (حبا) .

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست