responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 156

فقلت للمكّيّ: أحسب الذبّان يموت في كل أربعين يوما، و إن شئت ففي أكثر، و إن شئت ففي أقلّ. و نحن كما ترى ندوسها بأرجلنا، و نحن هاهنا مقيمون من أكثر من أربعين يوما، بل منذ أشهر و أشهر، و ما رأينا ذبابا واحدا ميّتا. فلو كان الأمر على ذلك لرأينا الموتى كما رأينا الأحياء. قال: إنّ الذّبابة إذا أرادت أن تموت ذهبت إلى بعض الخربات، قلت: فإنّا قد دخلنا كلّ خربة في الدّنيا، ما رأينا فيها قط ذبابا ميّتا.

781-[نوادر للمكي‌]

و كان المكّيّ طيّبا طيّب الحجج، ظريف الحيل، عجيب العلل و كان يدّعي كلّ شي‌ء على غاية الإحكام، و لم يحكم شيئا قطّ، لا من الجليل و لا من الدّقيق. و إذ قد جرى ذكره فسأحدّثك ببعض أحاديثه، و أخبرك عن بعض علله، لتلهّى بها ساعة، ثم نعود إلى بقية ذكر الذّبّان.

ادّعى هذا المكّيّ البصر بالبراذين، و نظر إلى برذون واقف، قد ألقى صاحبه في فيه اللّجام، فرأى فأس اللّجام و أين بلغ منه، فقال لي: العجب!كيف لا يذرعه القي‌ء، و أنا لو أدخلت إصبعي الصغرى في حلقي لما بقي في جوفي شي‌ء إلاّ خرج؟!!قلت:

الآن علمت أنّك تبصر!ثمّ مكث البرذون ساعة يلوك لجامه، فأقبل عليّ فقال لي:

كيف لا يبرد أسنانه؟!قلت: إنما يكون علم هذا عند البصراء مثلك!ثمّ رأى البرذون كلّما لاك اللّجام و الحديدة سال لعابه على الأرض فأقبل عليّ و قال: لو لا أنّ البرذون أفسد الخلق عقلا لكان ذهنه قد صفا!قلت له: قد كنت أشك في بصرك بالدّوابّ، فأمّا بعد هذا فلست أشكّ فيه! و قلت له مرّة و نحن في طريق بغداد: ما بال الفرسخ في هذه الطريق يكون فرسخين، و الفرسخ يكون أقلّ من مقدار نصف فرسخ؟!ففكّر طويلا ثمّ قال: كان كسرى يقطع للنّاس الفراسخ، فإذا صانع صاحب القطيعة زادوه، و إذا لم يصانع نقصوه! و قلت له مرّة: علمت أنّ الشاري حدّثني أنّ المخلوع بعث إلى المأمون بجراب فيه سمسم؛ كأنّه يخبر أنّ عنده من الجند بعدد ذلك الحبّ و أنّ المأمون بعث إليه بديك أعور، يريد أنّ طاهر بن الحسين يقتل هؤلاء كلّهم، كما يلقط الدّيك الحبّ! قال: فإنّ هذا الحديث أنا ولّدته. و لكن انظر كيف سار في الأفق؟! و أحاديثه و أعاجيبه كثيرة.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست