نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 124
باب الحمام طائر لئيم
<باب>
716-[لؤم الحمام]
و قال صاحب الدّيك: الحمام طائر لئيم قاسي القلب، و إن برّ بزعمكم ولد غيره، و صنع به كما يصنع بفرخه؛ و ذلك أنهما يحضنان كلّ بيض، و يزقّان كلّ فرخ، و ما ذاك منهما إلاّ في الفرط.
فأمّا لؤمه فمن طريق الغيرة، فإنّه يرى بعينه الذّكر الذي هو أضعف منه، و هو يطرد أنثاه و يكسح بذنبه حولها، و يتطوّس[1]لها و يستميلها، و هو يرى ذلك بعينه- ثمّ لم نر قط ذكرا واثب ذكرا عند مثل ذلك.
فإذا قلت: إنّه يشتدّ عليه و يمنعه إذا جثمت له و أراد أن يعلوها؛ فكلّ ذكر و أنثى هنالك يفعل ذلك، و ليس ذلك من الذكر الغريب من طريق الغيرة، و لكنّه ضرب من البخل و من النّفاسة. و إذا لم يكن من ذكرها إلاّ مثل ما يكون من جميع الحمام علم أنّ ذلك منه ليس من طريق الغيرة. و أنا رأيت النواهض تفعل ذلك، و تقطع على الذّكر بعد أن يعلو على الأنثى.
قال: و أمّا ما ذكرتم من أن الحمام معطوف على فراخه ما دامت محتاجة إلى الزّقّ، فإذا استغنت نزعت منها الرحمة، فليس ذلك كما قلتم. الحمام طائر ليس له عهد؛ و ذلك أنّ الذّكر ربما كانت معه الأنثى السّنين، ثمّ تنقل عنه و توارى عنه شهرا واحدا، ثم تظهر له مع زوج أضعف منه، فيراها طول دهره و هي إلى جنب بيته و تماريده[2]فكأنه لا يعرفها بعد معرفتها الدّهر الطويل، و إنما غابت عنه الأيّام اليسيرة. فليس يوجّه ذلك الجهل الذي يعامل به فراخه بعد أن كبرت، إلاّ على الغباوة و سوء الذّكر، و أنّ الفرخ حين استوى ريشه و أشبه غيره من الحمام جهل الفصل الذي بينهما.
فإن كان يعرف أنثاه و هو يجدها مع ذكر ضعيف و هو مسلّم لذلك و قانع به، و قليل الاكتراث به، فهو من لؤم في أصل الطبيعة.
[1]تطوّس: أبدى محاسنه و جماله. انظر القاموس «طوس» .