نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 115
3-[إنكار الناس للغرائب]
و أكثر الناس لا تجدهم إلاّ في حالتين: إمّا في حال إعراض عن التبيّن و إهمال للنّفس، و إمّا في حال تكذيب و إنكار و تسرّع إلى أصحاب الاعتبار و تتبّع الغرائب، و الرغبة في الفوائد. ثمّ يرى بعضهم أنّ له بذلك التكذيب فضيلة، و أنّ ذلك باب من التوقّي، و جنس من استعظام الكذب، و أنّه لم يكن كذلك إلاّ من حاقّ الرّغبة في الصّدق. و بئس الشيء عادة الإقرار و القبول. و الحقّ الذي أمر اللّه تعالى به و رغب فيه، و حثّ عليه أن ننكر من الخبر ضربين: أحدهما ما تناقض و استحال، و الآخر ما امتنع في الطبيعة، و خرج من طاقة الخلقة. فإذا خرج الخبر من هذين البابين، و جرى عليه حكم الجواز، فالتدبير في ذلك التثبت و أن يكون الحقّ في ذلك هو ضالّتك، و الصّدق هو بغيتك، كائنا ما كان، وقع منك بالموافقة أم وقع منك بالمكروه. و متى لم تعلم أنّ ثواب الحقّ و ثمرة الصّدق أجدى عليك من تلك الموافقة لم تقع على أن تعطي التثبت حقّه.
704-[تشبيه رماد الأثافي بالحمام]
قال: و هم يصفون الرّماد الذي بين الأثافيّ بالحمامة، و يجعلون الأثافيّ أظآرا لها، للانحناء الذي في أعالي تلك الأحجار، و لأنّها كانت معطّفات عليها و حانيات على أولادها. قال ذو الرّمّة[1]: [من الطويل]
كأنّ الحمام الورق في الدّار جثّمت # على خرق بين الأثافي جوازله
شبّه الرّماد بالفراخ قبل أن تنهض و الجثوم في الطير مثل الرّبوض في الغنم. و قال الشماخ[2]: [من الطويل]
و إرث رماد كالحمامة ماثل # و نؤيين في مظلومتين كداهما
من العرصات غير مخدّ نؤي # كباقي الوحي خطّ على إمام[4]
[1]ديوان ذي الرمة 1244، و فيه: (شبّه الأثافي بحمام ورق تضرب إلى السواد. و قوله «جثمت على خرق» يريد به الرماد. فشبه الأثافي على الرماد بحمام على الفراخ. و الجوزل: الفرخ) .