نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 108
691-[ما يختار للزّجل من الحمام]
و البغداديون يختارون للزّجال من الغاية الإناث، و البصريّون يختارون الذّكور فحجّة البغداديّين أن الذّكر إذا سافر و بعد عهده بقمط الإناث، و تاقت نفسه إلى السّفاد، و رأى أنثاه في طريقه، ترك الطّلب إن كان بعد في الجولان؛ أو ترك السّير إن كان وقع على القصد، و مال إلى الأنثى و في ذلك الفساد كلّه.
و قال البصريّ: الذّكر أحنّ إلى بيته لمكان أنثاه، و هو أشدّ متنا و أقوى بدنا، و هو أحسن اهتداء. فنحن لا ندع تقديم الشيء القائم إلى معنى قد يعرض و قد لا يعرض.
692-[نصيحة شدفويه في تربية الحمام]
و سمعت شدفويه السلائحي من نحو خمسين سنة، و هو يقول لعبد السلام بن أبي عمار: اجعل كعبة حمامك في صحن دارك، فإنّ الحمام إذا كان متى خرج من بيته إلى المعلاة لم يصل إلى معلاته إلاّ بجمع النّفس و الجناحين، و بالنهوض و مكابدة الصعود-اشتدّ متنه، و قوي جناحه و لحمه. و متى أراد بيته فاحتاج إلى أن ينتكس و يجيء منقضّا كان أقوى على الارتفاع في الهواء بعد أن يروى. و قد تعلمون أنّ الباطنيّين أشدّ متنا من الظاهريّين، و أنّ النّقرس لا يصيب الباطنيّ في رجله ليس ذلك إلاّ لأنّه يصعد إلى العلالي فوق الكناديج[1]درجة بعد درجة، و كذلك نزوله، فلو درّبتم الحمام على هذا التّرتيب كان أصوب. و لا يعجبني تدريب العاتق و ما فوق العاتق[2]إلاّ من الأماكن القريبة؛ لأن العاتق كالفتاة العاتق، و كالصّبي الغرير، فهو لا يعدمه ضعف البدن، و قلّة المعرفة، و سوء الإلف. و لا يعجبني أن تتركوا الحمام حتّى إذا صار في عدد المسانّ و اكتهل، و ولد البطون بعد البطون، و أخذ ذلك من قوّة شبابه، حملتموه على الزّجل، و على التّمرين، ثمّ رميتم به أقصى غاية لا، و لكنّ التّدريب مع الشباب، و انتهاء الحدّة، و كمال القوّة، من قبل أن تأخذ القوّة في النّقصان. فهو يلقّن بقربه من الحداثة، و يعرّف بخروجه من حدّ الحداثة. فابتدءوا به التّعليم و التمرين في هذه المنزلة الوسطى.
[1]في القاموس: (الكندوج: شبه المخزن؛ معرب كندو، و كندجة الباني في الجدران و الطيقان، مولّدة) . «القاموس: كندج» .
[2]العاتق من الحمام: فرخه ما لم يستحكم، أو فرخ الطائر إذا طار و استقل «القاموس: عتق» .
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 108