نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 107
تنحطّ انحطاط الصخور و متى التقت أمّة من سباع الطّير أو جفالة[1]من بهائم الطير، أو طرن على عرقة[2]و خيط ممدود، فكلّها يعتريها عند ذلك التّقصير عما ما كانت عليه، إذا طارت في غير جماعة.
و لن ترى جماعة طير أكثر طيرانا إذا كثرن من الحمام؛ فإنّهنّ كلما التففن و ضاق موضعهنّ كان أشدّ لطيرانهنّ، و قد ذكر ذلك النّابغة الذّبيانيّ في قوله[3]: [من البسيط]
و احكم كحكم فتاة الحيّ إذ نظرت # إلى حمام شراع وارد الثّمد[4]
يحفّه جانبا نيق و يتبعه # مثل الزّجاجة لم تكحل من الرّمد[5]
قال: ألا ليتما هذا الحمام لنا # إلى حمامتا و نصفه فقد[6]
فحسبوه فألفوه كما حسبت # تسعا و تسعين لم تنقص و لم تزد
فكمّلت مائة فيها حمامتها # و أسرعت حسبة في ذلك العدد
قال الأصمعيّ: لما أراد مديح الحاسب و سرعة إصابته، شدّد الأمر و ضيّقه عليه؛ ليكون أحمد له إذا أصاب؛ فجعله حزر طيرا، و الطّير أخفّ من غيره، ثمّ جعله حماما و الحمام أسرع الطّير، و أكثرها اجتهادا في السرعة إذا كثر عددهنّ؛ و ذلك أنّه يشتدّ طيرانه عند المسابقة و المنافسة. و قال: يحفّه جانبا نيق و يتبعه، فأراد أنّ الحمام إذا كان في مضيق من الهواء كان أسرع منه إذا اتّسع عليه الفضاء.
690-[غايات الحمام]
و صاحب الحمام قد كان يدرّب و يمرّن و ينزل في الزّجال، و الغاية يومئذ واسط[7].
فكيف يصنع اليوم بتعريفه الطّريق و تعريفه الورود و التحصّب[8]، مع بعد الغاية؟! [1]الجفالة: الجماعة من كل شيء «القاموس: جفل» .
[2]العرقة: السطر من الطير و كل مصطفّ «القاموس: عرق» .
[3]ديوان النابغة الذبياني 23-25، و منه استقيت شرح الأبيات التالية.
[4]احكم: كن حكيما في أمرك، مصيبا في الرأي، و لم يرد الحكم في القضاء. فتاة الحي: زرقاء اليمامة. الشراع: القاصدة إلى الماء. الثمد: الماء القليل.
[5]النيق: الجبل. و قوله «و تتبعه مثل الزجاجة» ، أي عينها صافية كصفاء الزجاجة. و قوله «لم تكحل من الرمد» ، أي لم يصبها رمد فتكحل.
[6]فقد: أي حسبي.
[7]واسط: اسم لعدة مواضع، أعظمها و أشهرها واسط الحجاج، سميت بذلك لأنها متوسطة بين البصرة و الكوفة. معجم البلدان 5/347.
[8]تحصّب الحمام: خرج إلى الصحراء لطلب الحب «القاموس: حصب» .
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 107