responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 2  صفحه : 325

فأمّا الدّهريّة فمنكرة للشياطين و الجنّ و الملائكة و الرّؤيا و الرّقى، و هم يرون أنّ أمرهم لا يتمّ لهم إلاّ بمشاركة أصحاب الجهالات.

و قد نجد الرجل ينقف شحم الحنظل‌ [1] ، و بينه و بين صاحبه مسافة صالحة، فيجد في حلقه مرارة الحنظل، و كذلك السّوس إذا عولج به و بينه و بين الإنسان مسافة متوسّطة البعد، يجد في حلقه حلاوة السوس. و ناقف الحنظل لا تزال عينه تهمل ما دام ينقفه، و لذلك قال ابن حذام، قال أبو عبيدة: و هو الذي يقول: [من الطويل‌]

كأنّي غداة البين يوم تحمّلوا # لدى سمرات الحيّ ناقف حنظل‌ [2]

يخبر عن بكائه، و يصف درور دمعته في إثر الحمول، فشبّه نفسه بناقف الحنظل، و قد ذكره امرؤ القيس في قوله: [من الكامل‌]

عوجا على الطّلل القديم لعلّنا # نبكي الدّيار كما بكى ابن خذام‌ [3]

و يزعمون أنّه أوّل من بكى في الدّيار.

و قد نجد الرّجل يقطع البصل، أو يوخف الخردل‌ [4] فتدمع عيناه. و ينظر الإنسان فيديم النّظر في العين المحمرة فتعتري عينه حمرة.

و العرب تقول: «لهو أعدى من الثّؤباء!» [5] ، كما تقول: «لهو أعدى من الجرب!» [6] ، و ذلك أنّ من تثاءب مرارا، و هو تجاه عين إنسان، اعترى ذلك الإنسان التثاؤب.

و رأيت ناسا من الأطباء و هم فلاسفة المتكلّمين، منهم معمر، و محمد بن الجهم، و إبراهيم بن السّنديّ، يكرهون دنوّ الطامث‌ [7] من إناء اللبن لتسوطه‌ [8] أو تعالج منه شيئا، فكأنّهم يرون أنّ لبدنها ما دام ذلك العرض يعرض لها، رائحة لها حدّة و بخار غليظ، يكون لذلك المسوط مفسدا.


[1] شحم الحنظل: ما في جوفه سوى حبه.

[2] البيت لامرئ القيس من معلقته في ديوانه 9. نقف الحنظل: شق الحنظل عن الهبيد، و الهبيد:

حب الحنظل.

[3] ديوان امرئ القيس 114، و اللسان و التاج (خذم) ، و جمهرة اللغة. 58، و الخزانة 4/376، و شرح المفصل 8/79.

[4] أوخفه: صب عليه الماء.

[5] المثل في المستقصى 1/237، و جمهرة الأمثال 2/67، و مجمع الأمثال 2/45.

[6] المثل في المستقصى 1/237، و جمهرة الأمثال 2/67، و مجمع الأمثال 2/45.

[7] الطامث: الحائض.

[8] ساط: خلط و مزج.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 2  صفحه : 325
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست