responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 2  صفحه : 323

و أنا أعوذ باللّه تعالى أن أكون كلّما غمز قناتي باب من الكلام صعب المدخل، نقضت ركنا من أركان مقالتي!و من كان كذلك لم ينتفع به.

349-[القول في إصابة العين‌]

فإن قال قائل: و ما بلغ من أمر هذا الفاصل الذي لا يشعر به القوم الحضور و لا الذي انفصل منه، و لا المارّ بينهما، و لا المتلقّي له ببدنه و ليس دونه شي‌ء، و كيف لم يعمل في الأقرب دون الأبعد، و الأقرب إنسان مثله، و لعلّه أن يكون طبعه أشدّ اجتذابا للآفات!.

و بعد، فكيف يكون شي‌ء يصرع الصحيح و يضجع القائم، و ينقض القوى، و يمرض الأصحّاء، و يصدع الصّخر و يهشم العظم، و يقتل الثّور، و يهدّ الحمار، و يجري في الجماد مجراه في النبات، و يجري في النّبات مجراه في الحيوان، و يجري في الصّلابة و الملاسة جريه في الأشياء السخيفة الرّخوة؛ و هو ممّا ليس له صدم كصدم الحجر، أو غرب كغرب السّيف، أو حدّ كحدّ السّنان؛ و ليس من جنس السمّ، فيحمل على نفوذ السّمّ؛ و ليس من جنس الغذاء فيحمل على نفوذ الغذاء، و ليس من جنس السّحر فيقال إنّ العمّار [1] عملوا ذلك من طريق طاعتهم للعزائم. فلعلّ ذلك إنّما كان شيئا وافق شيئا.

قيل لهم: قد تعلمون كيف مقدار سمّ الجرّارة [2] أو سمّ الأفعى، و كيف لو وزنتم الجرّارة [3] قبل لسعها و بعده لوجدتموها على حال واحدة. و أنت ترى كيف تفسخ عقد بدن الفيل، و كيف تنقض قوى البعير، من غير صدم كصدم الحجر، و غرب كغرب السّيف، و حدّ كحدّ السنان.

فإن قلت: فهل ناب الأفعى و إبرة العقرب إلاّ في سبيل حدّ السنان؟قلنا: إنّ البعير لو كان إنما يتفسّخ لطعن العقرب بإبرتها لما كان ذلك يبلغ منها مقدار النّخس فقط، و لكنّه لا بدّ أن يكون ذلك لأحد أمرين: إمّا أن تكون العقرب تمجّ فيه شيئا من إبرتها، فيكون طبع ذلك و إن قلّ يفسخ الفيل و الزّندبيل‌ [4] ، و إمّا أن يكون طبع ذلك الدّم إذا لاقاه طبع ذلك الناب و تلك الإبرة أن يجمد فيقتل بالإجماد، أو يذيب فيقتل بالإذابة. فأيّهما كان فإنّ الأمر فيه على خلاف ما صدّرتم به المسألة.


[1] العمّار: سكان البيوت من الجان.

[2] الجرارة: نوع من العقارب إذا مشى على الأرض جر ذنبه.

[3] الجرارة: نوع من العقارب إذا مشى على الأرض جر ذنبه.

[4] الزندبيل: الفيل الكبير. حياة الحيوان 1/540.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 2  صفحه : 323
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست