responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 84

88-[حديث أبي المبارك الصابي‌]

حدّثني محمد بن عباد قال: سمعته يقول-و جرى ذكر النساء و محلّهن من قلوب الرجال، حتّى زعموا أنّ الرجل كلما كان عليهن أحرص كان ذلك أدلّ على تمام الفحولة فيه، و كان أذهب له في الناحية التي هي في خلقته و معناه و طبعه، إذ كان قد جعل رجلا و لم يجعل امرأة-قال ابن عبّاد، فقال لنا: أ لستم تعلمون أنّي قد أربيت على المائة، فينبغي لمن كان كذلك أن يكون وهن الكبر، و نفاذ الذّكر، و موت الشهوة، و انقطاع ينبوع النطفة، قد أمات حنينه إلى النساء و تفكيره في الغزل؟!قال: قلنا: صدقت. قال: و ينبغي أن يكون من عوّد نفسه تركهنّ مددا، و تخلى عنهن سنين و دهرا، أن تكون العادة و تمرين الطبيعة، و توطين النفس، قد حطّ من ثقل منازعة الشهوة، و دواعي الباءة، و قد علمتم أنّ العادة التي هي الطبيعة الثانية، قد تستحكم ببعض عمد هجر لملامسة النساء. قال: قلنا: صدقت. قال: و ينبغي أن يكون من لم يذق طعم الخلوة بهنّ و لم يجالسهنّ متبذلات، و لم يسمع حديثهنّ و خلابتهنّ للقلوب، و استمالتهن للأهواء، و لم يرهنّ منكشفات عاريات، إذا تقدم له ذلك مع طول التّرك، أ لا يكون بقي معه من دواعيهن شي‌ء؟!قال: قلنا: صدقت.

قال: و ينبغي أن يكون لمن قد علم أنه محبوب. و أنّ سببه إلى خلاطهنّ محسوم، أن يكون اليأس من أمتن أسبابه إلى الزهد و السلوة. و إلى موت الخواطر. قال: قلنا:

صدقت. قال: و ينبغي أن يكون من دعاه الزّهد في الدنيا، و فيما يحتويه النساء مع جمالهنّ و فتنة النّسّاك بهنّ، و اتخاذ الأنبياء لهنّ، إلى أن خصى نفسه. و لم يكرهه عليه أب و لا عدوّ، و لا سباه ساب، أن يكون مقدار ذلك الزهد هو المقدار الذي يميت الذّكر لهنّ، و يسرّي عنه ألم فقد وجودهنّ، و ينبغي لمن كان في إمكانه أن ينشئ العزم و يختار الإرادة التي يصير بها إلى قطع ذلك العضو الجامع لكبار اللذّات، و إلى ما فيه من الألم، و مع ما فيه من الخطر، و إلى ما فيه من المثلة و النّقص الداخل على الخلقة، أن تكون الوساوس في هذا الباب لا تعروه، و الدواعي لا تقروه. قال:

قلنا: صدقت. قال: و ينبغي لمن سخت نفسه عن السّكن و عن الولد، و عن أن يكون مذكورا بالعقب الصالح، أن يكون قد نسي هذا الباب، إن كان قد مرّ منه على ذكر.

هذا و أنتم تعلمون أنّي سملت عيني يوم خصيت نفسي، فقد نسيت كيفية الصّور و كيف تروع، و جهلت المراد منها، و كيف تراد، أ فما كان من كان كذلك حريّا أن تكون نفسه ساهية لاهية مشغولة بالباب الذي أحتمل له هذه المكاره؟! قال: قلنا: صدقت. قال: أ و لو لم أكن هرما، و لم يكن هاهنا طول اجتناب.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 84
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست