responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 61

و تراجعت الأخلاط، و عادت النفس وافرة، أعاد النّظر فيه، فيتوقّف عند فصوله توقّف من يكون وزن طمعه في السلامة أنقص من وزن خوفه من العيب، و يتفهّم معنى قول الشاعر: [من البسيط]

إنّ الحديث تغرّ القوم خلوته # حتّى يلجّ بهم عيّ و إكثار [1]

و يقف عند قولهم في المثل: «كلّ مجر في الخلاء يسرّ» [2] فيخاف أن يعتريه ما اعترى من أحرى فرسه وحده، أو خلا بعلمه عند فقد خصومه، و أهل المنزلة من أهل صناعته.

56-[الاستطراد في التأليف‌]

و ليعلم أنّ صاحب القلم يعتريه ما يعتري المؤدّب عند ضربه و عقابه، فما أكثر من يعزم على خمسة أسواط فيضرب مائة؟!لأنّه ابتدأ الضرب و هو ساكن الطباع، فأراه السكون أنّ الصواب في الإقلال، فلما ضرب تحرّك دمه، فأشاع فيه الحرارة فزاد في غضبه، فأراه الغضب أنّ الرأي في الإكثار، و كذلك صاحب القلم؛ فما أكثر من يبتدئ الكتاب و هو يريد مقدار سطرين، فيكتب عشرة!و الحفظ مع الإقلال أمكن، و هو مع الإكثار أبعد.

57-[مفاضلة بين الولد و الكتاب‌]

و اعلم أنّ العاقل إن لم يكن بالمتتبّع، فكثيرا ما يعتريه من ولده، أن يحسن في عينه منه المقبّح في عين غيره، فليعلم أنّ لفظه أقرب نسبا منه من ابنه، و حركته أمسّ به رحما من ولده، لأنّ حركته شي‌ء أحدثه من نفسه و بذاته، و من عين جوهره فصلت، و من نفسه كانت؛ و إنّما الوالد كالمخطة يتمخّطها، و النّخامة يقذفها، و لا سواء إخراجك من جزئك شيئا لم يكن منك، و إظهارك حركة لم تكن حتّى كانت منك. و لذلك تجد فتنة الرجل بشعره، و فتنته بكلامه و كتبه، فوق فتنته بجميع نعمته.

58-[لغة الكتب‌]

و ليس الكتاب إلى شي‌ء أحوج منه إلى إفهام معانيه، حتّى لا يحتاج السامع لما


[1] البيت لابن هرمة في ديوانه 124، و البيان 1/203، و رسائل الجاحظ 4/98.

[2] مجمع الأمثال 2/135، و المستقصى 2/229، و فصل المقال 203، و الأمثال لابن سلام 136، و البيان 1/203، و رسائل الجاحظ 1/342.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست