نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 43
و لا تدبير معاش، و لا سياسة عامة، و لا ترتيب خاصّة. فأيّ كتاب أجهل، و أيّ تدبير أفسد من كتاب يوجب على الناس الإطاعة، و البخوع [1] بالديانة، لا على جهة الاستبصار و المحبّة، و ليس فيه صلاح معاش و لا تصحيح دين!؟و الناس لا يحبّون إلا دينا أو دنيا: فأمّا الدّنيا فإقامة سوقها و إحضار نفعها. و أما الدّين فأقلّ ما يطمع في استجابة العامة، و استمالة الخاصّة، أن يصوّر في صورة مغلّطة، و يموّه تمويه الدّينار البهرج، و الدرهم الزائف الذي لا يغلط فيه الكثير، و يعرف حقيقته القليل. فليس إنفاقهم عليها من حيث ظننت. و كلّ دين يكون أظهر اختلافا و أكثر فسادا، يحتاج من الترقيع و التمويه، و من الاحتشاد له و التغليظ فيه إلى أكثر. و قد علمنا أنّ النصرانيّة أشدّ انتشارا من اليهوديّة تعبدا، فعلى حسب ذلك يكون تزيّدهم في توكيده، و احتفالهم في إظهار تعليمه.
32-[فضل التعلم]
و قال بعضهم: كنت عند بعض العلماء، فكنت أكتب عنه بعضا و أدع بعضا، فقال لي: اكتب كلّ ما تسمع، فإن أخسّ ما تسمع خير من مكانه أبيض.
و قال الخليل بن أحمد: تكثّر من العلم لتعرف، و تقلّل منه لتحفظ.
و قال أبو إسحاق: القليل و الكثير للكتب، و القليل وحده للصدر.