responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 42

فلسفة، و كتب مقاييس و سنن و تبيّن و تبيين، أو لو كانت كتبهم كتبا تعرّف الناس أبواب الصّناعات، أو سبل التكسّب و التجارات، أو كتب ارتفاقات و رياضات، أو بعض ما يتعاطاه الناس من الفطن و الآداب-و إن كان ذلك لا يقرّب من غنى و لا يبعد من مأثم-لكانوا ممّن قد يجوز أن يظنّ بهم تعظيم البيان، و الرغبة في التبيّن، و لكنّهم ذهبوا فيها مذهب الدّيانة، و على طريق تعظيم الملّة، فإنّما إنفاقهم في ذلك، كإنفاق المجوس على بيت النار، و كإنفاق النصارى على صلبان الذهب، أو كإنفاق الهند على سدنة البددة [1] . و لو كانوا أرادوا العلم لكان العلم لهم معرضا، و كتب الحكمة لهم مبذولة، و الطرق إليها سهلة معروفة. فما بالهم لا يصنعون ذلك إلاّ بكتب دياناتهم، كما يزخرف النصارى بيوت عباداتهم!و لو كان هذا المعنى مستحسنا عند المسلمين، أو كانوا يرون أنّ ذلك داعية إلى العبادة، و باعثة على الخشوع، لبلغوا في ذلك بعفوهم، ما لا تبلغه النصارى بغاية الجهد.

30-[مسجد دمشق‌]

و قد رأيت مسجد دمشق، حين استجاز هذا السبيل ملك من ملوكها، و من رآه فقد علم أنّ أحدا لا يرومه، و أنّ الروم لا تسخوا أنفسهم به، فلمّا قام عمر بن عبد العزيز، جلّله بالجلال، و غطّاه بالكرابيس‌ [2] ، و طبخ سلاسل القناديل حتّى ذهب عنها ذلك التلألؤ و البريق؛ و ذهب إلى أنّ ذلك الصنيع مجانب لسنّة الإسلام، و أنّ ذلك الحسن الرائع و المحاسن الدّقاق، مذهلة للقلوب، و مشغلة دون الخشوع، و أنّ البال لا يكون مجتمعا و هناك شي‌ء يفرّقه و يعترض عليه.

31-[مضمون كتب الزنادقة]

و الذي يدلّ على ما قلنا، أنّه ليس في كتبهم مثل سائر، و لا خبر طريف، و لا صنعة أدب، و لا حكمة غريبة، و لا فلسفة، و لا مسألة كلاميّة، و لا تعريف صناعة، و لا استخراج آلة، و لا تعليم فلاحة، و لا تدبير حرب، و لا مقارعة عن دين، و لا مناضلة عن نحلة، و جلّ ما فيها ذكر النور و الظلمة، و تناكح الشياطين، و تسافد العفاريت، و ذكر الصنديد، و التهويل بعمود السنخ، و الإخبار عن شقلون، و عن الهامة و الهمامة. و كلّه هذر و عيّ و خرافة، و سخرية و تكذّب، لا ترى فيه موعظة حسنة، و لا حديثا مونقا،


[1] البددة: جمع بدّ، و هو الصنم، و البدّ هو «بوذا» عند الهنود.

[2] الكرابيس: جمع كرباس، و هو ثوب من القطن (اللسان: كربس) .

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست