responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 31

و الاعتبار، و على الاتّعاظ و الازدجار، و على التعرّف و التبيّن، و على التوقّف و التذكّر، فجعلها مذكّرة منبّهة، و جعل الفطر تنشئ الخواطر، و تجول بأهلها في المذاهب. ذلك اللّه ربّ العالمين، فَتَبََارَكَ اَللََّهُ أَحْسَنُ اَلْخََالِقِينَ [1] .

17-[مزج الهزل بالجدّ في الكتاب‌]

و هذا كتاب موعظة و تعريف و تفقّه و تنبيه. و أراك قد عبته قبل أن تقف على حدوده، و تتفكّر في فصوله، و تعتبر آخره بأوله، و مصادره بموارده، و قد غلّطك فيه بعض ما رأيت في أثنائه من مزح لا تعرف معناه، و من بطالة لم تطّلع على غورها؛ و لم تدر لم اجتلبت، و لا لأيّ علّة تكلّفت، و أيّ شي‌ء أريغ بها، و لأيّ جدّ احتمل ذلك الهزل، و لأيّ رياضة تجشّمت تلك البطالة؛ و لم تدر أنّ المزاح جدّ إذا اجتلب ليكون علّة للجدّ، و أنّ البطالة وقار و رزانة، إذا تكلّفت لتلك العافية. و لمّا قال الخليل بن أحمد: لا يصل أحد من علم النحو إلى ما يحتاج إليه. حتّى يتعلّم ما لا يحتاج إليه، قال أبو شمر: إذا كان لا يتوصّل إلى ما يحتاج إليه إلاّ بما لا يحتاج إليه، فقد صار ما لا يحتاج إليه يحتاج إليه‌ [2] . و ذلك مثل كتابنا هذا؛ لأنّه إن حملنا جميع من يتكلّف قراءة هذا الكتاب على مرّ الحق، و صعوبة الجدّ، و ثقل المئونة، و حلية الوقار، لم يصبر عليه مع طوله إلاّ من تجرّد للعلم، و فهم معناه، و ذاق من ثمرته، و استشعر قلبه من عزّه، و نال سروره على حسب ما يورث الطول من الكدّ، و الكثرة من السآمة. و ما أكثر من يقاد إلى حظّه بالسواجير [3] ، و بالسوق العنيف، و بالإخافة الشديدة.

18-[وصف الكتاب‌]

ثم لم أرك رضيت بالطعن على كلّ كتاب لي بعينه، حتّى تجاوزت ذلك إلى أن عبت وضع الكتب كيفما دارت بها الحال، و كيف تصرفت بها الوجوه. و قد كنت أعجب من عيبك البعض بلا علم، حتّى عبت الكلّ بلا علم، ثم تجاوزت ذلك إلى التشنيع، ثم تجاوزت ذلك إلى نصب الحرب فعبت الكتاب؛ و نعم الذخر و العقدة [4]

هو، و نعم الجليس و العدّة، و نعم النشرة و النزهة، و نعم المشتغل و الحرفة، و نعم


[1] المؤمنون/23.

[2] ربيع الأبرار 4/137.

[3] الساجور: الخشبة التي توضع في عنق الكلب. (اللسان: سجر) . و انظر البيان 3/50، 63.

[4] العقدة: كل شي‌ء يستوثق الرجل به لنفسه، و يعتمد عليه. و منه «في عقدته ضعف» ، أي في رأيه و نظره في مصالح نفسه. (اللسان: عقد) .

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست