نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 190
219-[ما ينبغي للأم في سياسة رضيعها حين بكائه]
و أما قولها في المأقة، فإنّ الصبيّ يبكي بكاء شديدا متعبا موجعا، فإذا كانت الأمّ جاهلة حرّكته في المهد حركة تورثه الدّوار، أو نوّمته بأن تضرب يدها على جنبه. و متى نام الصبيّ و تلك الفزعة أو اللّوعة أو المكروه قائم في جوفه، و لم يعلّل ببعض ما يلهيه و يضحكه و يسرّه، حتى يكون نومه على سرور، فيسري فيه و يعمل في طباعه، و لا يكون نومه على فزع أو غيظ أو غمّ؛ فإنّ ذلك ممّا يعمل في الفساد.
و الأمّ الجاهلة و المرقّصة الخرقاء، إذا لم تعرف فرق ما بين هاتين الحالتين، كثر منها ذلك الفساد، و ترادف، و أعان الثاني الأوّل و الثالث الثاني حتّى يخرج الصبيّ مائقا.
و في المثل: «صاحبي مئق و أنا تئق» [1] ، يضرب هذا المثل للمسافر الأحمق الرّفيق و الزّميل، و قد استفرغه الضّجر لطول السفر فقلبه ملآن، فأوّل شيء يكون في ذلك المئق من المكروه لم يحتمله بل يفيض ضجره عليه، لامتلائه من طول ما قاسى من مكروه السفر.
220-[القول في الصوت]
فاحتاج حذّاق الملوك و أصحاب العنايات التامّة، أن يداووا أنفسهم بالسماع الحسن، و يشدّوا من متنهم بالشراب، الذي إذا وقع في الجوف حرّك الدّم، و إذا حرك الدّم حرّك طباع السرور، ثمّ لا يزال زائدا في مكيال الدم، زائدا في الحركة المولّدة للسرور. هذه صفة الملوك. و عليه بنوا أمرهم، جهل ذلك من جهله، و علمه من علمه.
و قال صاحب الكلب: أمّا تركه الاعتراض على اللّصّ الذي أطعمه أيّاما و أحسن إليه مرارا، فإنّما وجب عليه حفظ أهله لإحسانهم إليه، و تعاهدهم له. فإذا كان عهده ببرّ اللص أحدث من عهده ببرّ أهله، لم يكلّف الكلب النظر في العواقب، و موازنة الأمور. و الذي أضمر اللصّ من البيات غيب قد ستر عنه؛ و هو لا يدري أ جاء ليأخذ أم جاء ليعطي، أو هم أمروه أو هو المتكلّف لذلك؛ و لعلّ أهله أيضا أن يكونوا قد استحقّوا ذلك منه بالضّرب و الإجاعة، و بالسبّ و الإهانة.
و أمّا سماجة الصّوت فالبغل أسمج صوتا منه، كذلك الطاوس على أنّهم يتشاءمون به. و ليس الصّوت الحسن إلاّ لأصناف الحمام من القماريّ و الدّباسيّ،