responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 188

و بعد فمن أخطأ و أظلم ممّن يكلّف السباع أخلاق الناس و عادات البهائم!! و قد علمنا أنّ سباع الأرض عن آخرها إنّما تهيج و تسرح و تلتمس المعيشة و تتلاقى على السفاد و العظال ليلا؛ لأنها تبصر بالليل.

215-[سبب اختيار الليل للنوم‌]

و إنما نام الناس بالليل عن حوائجهم، لأنّ التمييز و التفصيل و التبيّن لا يمكنهم إلاّ نهارا، و ليس للمتعب المتحرّك بدّ من سكون يكون جماما له. و لو لا صرفهم التماس الجمام إلى الوقت الذي لو لم يناموا فيه و الوقت مانع من التمييز و التبيّن، لكانت الطبائع تنتقض. فجعلوا النّوم بالليل لضربين: أحدهما لأنّ الليل إذ كان من طبعه البرد و الرّكود و الخثورة، كان ذلك أنزع إلى النوم و ما دعا إليه، لأنّه من شكله.

و أمّا الوجه الآخر فلأنّ الليل موحش مخوف الجوانب من الهوامّ و السباع، و لأنّ الأشياء المبتاعة و الحاجات إلى تمييز الدنانير، و الدراهم، و الحبوب، و البزور، و الجواهر، و أخلاط العطر، و البربهار [1] و ما لا يحصى عدده، فقادتهم طبائعهم و ساقتهم غرائزهم إلى وضع النوم في موضعه، و الانتشار و التصرف في موضعه على ما قدّر اللّه تعالى من ذلك و أحبّه. و أمّا السباع فإنها تتصرّف و تبصر بالليل، و لها أيضا علل أخرى يطول ذكرها.

216-[نوم الملوك‌]

و أمّا ما ذكرتموه من نوم الملوك بالنّهار و سهرهم بالليل، فإنّ الملوك لم تجهل فضل النوم بالليل و الحركة بالنهار، و لكنّ الملوك لكثرة أشغالها فضلت حوائجها عن مقدار النهار و لم يتّسع لها، فلما استعانت بالليل و لم يكن لها بدّ من الخلوة بالتدبير المكتوم و السرّ المخزون، و جمعت المقدار الفاضل عن اتّساع النهار إلى المقدار الذي لا بدّ للخلوة بالأسرار منه؛ أخذت من الليل صدرا صالحا. فلمّا طال ذلك عليها أعانها المران، و خفّ ذلك عليها بالدّربة.

و ناس منهم ذهبوا إلى التناول من الشراب و إلى أن سماع الصوت الحسن مما يزيد في المنّة [2] ، و يكون مادّة للقوة. و علموا أنّ العوامّ إذا كانت لا تتناول الشّراب


[1] البربهار: أدوية من الحشيش تجلب من الهند.

[2] المنة: القوة.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست