و ثانيهما هو جعل حسن الاستعمال هو المصحّح للاستعمال.
أمّا الأوّل فلا شكّ في أنّه في غاية المتانة.
و أمّا الثّاني فهو مغالطة واضحة بين المصحّح للاستعمالات المجازيّة و حسن الاستعمال و قد فرض (قده) أنّهما شيء واحد مع أنّهما أمران متغايران لا يرجع أحدهما إلى الآخر و قد عرفت تفصيل الفرق بينهما فليتأمّل.
في الاستعمال في النّوع و الصّنف و المثل
ثمّ إنّ الاستعمال في النّوع و الصّنف و المثل إن كان استعمالا لا يصحّ إلّا بملاك نفس الوضع و لا يستحسن إلّا بمناط استحسان الطّبع كما ذكرنا أنّ مصحّح الاستعمال غير حسن الاستعمال الّا أنّ الّذي يؤدّي إليه النّظر أنّ المقام أجنبيّ عن الاستعمال أصلا بل هو من باب الإلقاء و الإيجاد فليكن مناط صحّة الإلقاء هو الوضع و مناط حسن الإلقاء هو الطّبع و كيف كان فالتّحقيق في المقام يتضمّن تمهيد مقدّمتين.
الأولى: قد عرفت سابقا أنّ التّلفّظ هو كيفيّة الصّوت و حقيقة الصّوت هي تنفّس الإنسان من جهازات التّنفّس الخاصّة و لا شكّ أنّ هذا الصّوت المتكيّف بهذه الكيفيّة الخاصّة الّتي يقال لها التّلفظ يقرع على العصب السّمعيّ الّذي يكون في سامعة الإنسان و به يدرك الكيفيّات المسموعة كما أنّه بواسطة العصبات الاخرى من الذّوق و الشّامّة و العين يدرك ساير المحسوسات و على هذا إذا تلفّظ اللّافظ بلفظ كذا يقرع هذا الصّوت الخاصّ على عصب سمع المخاطب و منه ينتقل إلى حسّه المشترك الّذي يقال له بنطاسيا فهذا الصّوت بنفسه يحضر في الذهن أوّلا و بعد حضوره في الذّهن و التّوجّه إليه بالتّوجّه و الإدراك الذّهنيّ يحكى عمّا وضع له من المعاني ثانيا.
و من المعلوم أنّ هذه الحكاية أمر عرضيّ جعليّ قد عرض لهذا الصّوت الخاصّ بواسطة جعل الواضع هذا آلة للمعنى و لا شكّ أنّ حضور المعنى في الذّهن بواسطة حضور اللّفظ إنّما