تسديدا لهذه الإيرادات و تحكيما لوجه الامتناع- أفاد في كتابه تمهيدات و مقدمات:
الأولى: أنّ الأحكام بأسرها متضادّة في مقام الفعليّة. فاجتماع الأمر و النّهي من قبيل تكليف هو المحال لا التكليف بالمحال.
فالمجمع و إن يصدق عليه العنوانان إلّا أنّه لما كان واحدا وجودا فيكون واحدا ماهيّة.
الثّانية: أنّ ما هو متعلق للتكليف حقيقة فعل المكلف بوجوده الخارجيّ و أمّا العناوين المأخوذة تحت الخطاب فإنّها بما هي حاكيات عن الخارجيّات و ما ينظر بها إلى المعنونات لا ما ينظر فيها.
الثالثة: أنّ تعدّد العنوان لا يوجب تعدّد المعنون، كما في صدق المفاهيم و العناوين على اللّه تعالى. و كأنّ تلك المقدّمة إنّما هي جواب عمّا يمكن أن يورد على المقدّمة السابقة من أنّ حكاية العنوان عن المعنون و إن كان بمثابة من الوضوح إلّا أنّ هاهنا حيث كانت الحيثيّتان متصادقتين على شيء واحد في الخارج لا بدّ و أن يكون هذا الفرد متقدّرا بأقدار و متبعّضا بأبعاض يكون كلّ واحد من أبعاض هذا الوجود الخارجيّ ملاكا لصدق أحد العناوين دون الآخر، فيجاب بأنّ كثرة العناوين لا ينثلم به واحدة المعنون كما لا يخفى.
الرّابعة: أنّ الموجود بوجود واحد لا يكون له إلّا ماهيّة واحدة بداهة عدم إمكان فرض الماهيّتين لشيء واحد.
إذا عرفت تلك المقدّمات فقد عرفت وجه الامتناع و أنّه لا محيص عنه ببيان: أنّ الوجوب و الحرمة من قبيل الضّدّين كما اتّضح في المقدّمة الأولى و قد اجتمعا في موضوع واحد خارجيّ و هو فعل المكلّف كما هو مقتضى المقدمة الثانية و لا يختلف هذا الواحد الخارجيّ باختلاف العناوين كما اتّضح في المقدّمة الثالثة و لا يفرض لهذا الواحد الموجود في الخارج ماهيّتان كانت إحداهما مصبّا للأمر و الاخرى مصبّا للنّهي كي يقال إنّه بناء على القول بأصالة الماهيّة تكون متعلقا الأمر و النّهي شيئين مختلفين بحسب الحقيقة و الوجود و إن كان واحدا إلّا أنّه بناء على هذا القول اعتباريّ لا يحاذيه شيء في الخارج. نعم، على القول