نام کتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى نویسنده : الغروي، الشيخ علي جلد : 1 صفحه : 5
المسلمون عدم أحقية معاوية للخلافة لانه طليق لا تحل له و لم يعتنق الإسلام إلا كرها [1].
لم يهتم الخلفاء في عهد الدولة الأموية بشيء من شئون التشريع الا قليلا كعمر بن عبد العزيز فالتشريع لم يرق تحت حمايتهم و رعايتهم كالذي كان في عهد الدولة العباسية و لم يبذل الامويون محاولة في صبغ تشريعهم صبغة رسمية فلا ترى في الدولة الأموية مثل أبي يوسف في الدولة العباسية يحميه الخلفاء و يؤيدونه في التشريع و يوثقون الصلة بينه و بينهم و بينه و بين قضاة الأمصار و لا ترى من المشرعين من اتصل بالامويين الا قليلا كالزهري [2] و في العصر الأموي كان المرجع في الفتيا أهل المدينة و لم يقطع الخلفاء امرا دونهم كما ان فقهاء هذا العصر لم يخلفوا آثارا في الفقه مكتوبة فإنها ظهرت في العصر العباسي [3]
العصر العباسي الأول
لما جاء عصر العباسي الأول سنة 132 و قد اكتسح حكومة الأمويين شجع الخلفاء الحركة العلمية و مدوا أربابها بسلطانهم فانتعشت العلوم الدينية في ظلهم و ترجمت الكتب من اللغات الأجنبية إلى العربية و كانت حركة النهوض أسرع إلى العلوم الشرعية من غيرها لأنهم فرضوا أحقيتهم بالأمر من غيرهم لانتسابهم الى البيت الأموي و انهم سيشيدون على اطلال الحكومة الموسومة بالزندقة عند أهل الصلاح نظاما منطقيا على سنة الرسول الأعظم (صلى اللّٰه عليه و آله) و أحكام الدين الإلهي [4].
لما انتظم أمر الدولة العباسية ظهر الجدل و الخلاف و اتسع المجال للعقول خاف المنصور الدوانيقي من جراء ذلك تشتيت أمر الشريعة و دخول الفوضى في الأحكام فأمر أنس بن مالك ان يكتب له كتابا يتجنب فيه رخص ابن عباس و شدائد ابن عمر فكتب (الموطأ) و أراد المنصور ان يحمل الناس على العمل به كما حمل عثمان الناس على العمل بالمصحف و فتر مالك من عزمه بدعوى ان الناس بعد رسول اللّٰه (ص) على هدى فتبطأ المنصور عن إمضاء فكرته [5] و تحكي هذه القصة عن الرشيد معه و انه أراد تعليق الموطأ على الكعبة فلم يوافقه مالك [6].
و كل منهما يجهل ما عند «الصادق (ع)» من فقه الشريعة المستقي من اللوح المحفوظ و فنون المعارف و تأويل القران المجيد و أسرار الطبائع و جوامع التاريخ سجلت اعترافهما بذلك.
في هذا العصر تمكن استنباط الاحكام و استقرت أصوله و سمى اهله بالفقهاء و يرتئي الموفق أحمد المكي الحنفي ان أبا حنيفة أول من دون الفقه و رتب أبوابه [7].
لكن شافعية الرازي لم تهضم هذه الدعوى فأخذ يناقشه الحساب بأنه ان أراد من التدوين التصنيف فلم يثبت له شيء و انما أصحابه الذين صنفوا و ان أراد التفريع فقد سبقه إليه الصحابة و التابعون [8].