لا إشكال في خروج الاحتمالين الأوّلين عن محلّ النزاع، لأنّ الالتزام بالمعنى الأول من لوازم الأديان و التديّن بالدين، لأنّ الاعتقاد و التصديق بما جاء به النبيّ (صلى اللّه عليه و آله) على ما هو عليه من لوازم التصديق بنبوّته، فلا يمكن فرض النزاع فيه، و أمّا الالتزام بالمعنى الثاني فهو غير لازم إجماعا في الواجبات التوصّلية التي نزاعهم في المقام مختصّ بها، و إلّا لا يبقى فرق بينها و بين الواجبات التعبّدية.
فينحصر نزاعهم على هذا في وجوب الالتزام بالمعنى الثالث، و لكن لمّا كان مجرّد تطبيق العمل على مقتضى الحكم المعلوم بالإجمال في صورة دوران الأمر بين المحذورين- أعني الواجب و الحرام- التي هي مقصد كلماتهم و محلّ نزاعهم، من الامور القهرية، لأنّ المكلّف لا يخلو من الفعل المنطبق لاحتمال الوجوب، و الترك المنطبق لاحتمال الحرمة، فلا يصلح أن يكون نزاعهم في مجرد تطبيق العمل على وفق الحكم الإجمالي و إن كان بالوجه المخالف لذلك الحكم الإجمالي، بل لا بدّ و أن يكون نزاعهم في التطبيق بمعنى آخر، و هذا المعنى الآخر محتمل لمعاني ثلاثة:
أحدها: تطبيق العمل على ما هو عليه، بمعنى الإتيان به في قبال عدم الإتيان به من رأس.
ثانيها: تطبيق العمل على ما هو عليه في الواقع، بمعنى إتيانه على وجهه إن واجبا فبنيّة الوجوب، و إن مستحبّا فبنيّة الاستحباب، في قبال الإتيان به مع الإغماض عمّا هو عليه من الوجوب أو الاستحباب.
ثالثها: تطبيق العمل على ما هو عليه من الحكم في الواقع تفصيلا إن علم به تفصيلا، و إجمالا إن علم به إجمالا، في قبال الإتيان به بالوجه المخالف لوجهه