و السنّة و تدوينها لتسهيل الأمر، كما قال علي (عليه السلام) لأبي الأسود المخترع لكثير من قواعد النحو بعد قوله: «كلّ فاعل مرفوع، و كلّ مفعول منصوب، و كلّ مضاف إليه مجرور: يا أبا الأسود انح على ذلك» [1] و لو لا جواز العمل بقول اللغويين للغا أمر المعصوم بضبط اللغة و ترغيبه فيه.
و استدلّ أيضا بتقرير المعصومين (عليهم السلام) الناس على العمل بها، فإنّ جملة من كتب اللغة دوّنت في زمنهم ككتاب الأصمعي و الكسائي و سيبويه في زمن موسى (عليه السلام)، و لو لا عمل الناس لكان فعلهم سفها، و لا شكّ في اطلاع المعصومين على هذا الأمر، فلو لا تقريرهم إيّاهم ذلك لوصل المنع إلينا [2]، انتهى.
و لكن لو لا البرهان العقليّ و الانسداد لأمكن الجواب عن الأوّل: بمنع الملازمة من قوله: «و لو لا جواز العمل بقول اللغويين للغا أمر المعصوم بضبط اللغة و ترغيبه فيه» فإنّ هذا الملازمة إنّما تسلّم إذا انحصر فائدة ضبط اللغة في جواز الرجوع إليه من دون إفادته العلم غالبا مع عدم اجتماع شروط الشهادة، و من البيّن أنّه إذا لم يمنع عدم إفادته العلم و عدم إمكان اجتماعه شروط الشهادة فلا أقلّ من منع الانحصار كما لا يخفى.
و عن الثاني: أنّ تقرير المعصوم الناس على العمل بها مبنيّ أوّلا على ثبوت عمل الناس بها مطلقا، و ثانيا على اطلاع المعصوم (عليه السلام) على عملهم بها بحسب العلم العادي لا العلم اللدنيّ، و ثالثا على ثبوت المجال للمعصوم و عدم المانع من منعه، و من البيّن أنّه إذا لم يمنع المبنى الأوّل فلا أقلّ من التاليين، أي من منع التاليين، و اللّه العالم بحقائق الامور.