أصل عدم القرينة إلا أن يراد أنّهم يعاملون [1] معاملة عدم القرينة، و هو كذلك؛ إلا أنّه راجع إلى ما ذكرنا من العمل بالظهور اللفظي من حيث إنّه مقيد بالظن بالمراد نوعا أو فعلا، و ليس شيئا وراءه، ثمّ أقول بناء على كون أصالة عدم القرينة أمرا وراء الظهور النوعي فلا يتفاوت حالها مع الظهور في الحكومة و الورود، و لا فرق بين الوجهين في ذلك.
و الحق هو الورود فيهما؛ لأنّ اعتبار كليهما إنّما هو من باب بناء العقلاء و طريقتهم، و هم لا يحكمون باعتبار شيء إلا بعد ملاحظة جميع جهاته و خصوصيّاته، فيكون حكمهم نظير حكم العقل في أنّه معلّق على عدم ورود ما يكون معتبرا عند الشارع، إذ لا تأمّل في عدم تعقل الحكومة في حكم العقل بمعنى أنّه إمّا (أن) يحكم مطلقا فيقدم على ما وصل من الأخبار الظنيّة، و إمّا مقيّدا بعدم مثل ذلك الخبر، و لذا نقول إنّه لا يعقل التخصيص في حكم العقل، فبناء العقلاء أيضا كذلك، بل هو حكم عقلي [2] فلا يتصور فيه تعارض و حكومة، فموضوع الاعتبار عندهم مقيّد بالظهور الخاص، و هو ما لا يكون في قباله شيء، خصوصا إذا جعلنا حجيّة خبر الواحد الذي هو في مقابل أصالة العموم [3] من باب بناء العقلاء، و ما ذكرنا هو السرّ في كون الظن الاستصحابي- بناء على كونه من باب الظن، و الظن الحاصل من الغلبة- حجّة عندهم [4] ما يكون على الخلاف من الأدلة الأخر، فإنّ دائرة الاعتبار في نظرهم مقيدة.
و التحقيق في المقام: أنّ التعارض ليس بين ظهور العام و دليل السند [5]، حتى يكون من باب الحكومة أو الورود، بل بينه و بين دلالة الخاص، و إذا كان نصا و أظهر، كما هو المفروض فيكون مقدّما من باب حكم العقل و العرف، حيث يجعلونه قرينة، بل التعارض بدوي يزول بملاحظة ما ذكر من كونه قرينة عندهم، و دليل اعتبار