، إلا أنّه لا يخفى أنّ هذا الوجه لا يجري في جميع الأدلة، إذ كثير من الأخبار و غيرها يكون من العمومات، فيكون بينها و بين الأصول العموم من وجه، مثلا إذا كان الخبر الظني مثل قوله أكرم العلماء، و كان بعض أفراد العلماء محرّم الإكرام سابقا، و بعضها واجب الإكرام، أو لم يكن له حالة سابقة، فتكون النسبة بينه و بين الاستصحاب عموما من وجه، و مورد الاجتماع الفرد الذي كان في السابق محرّم الإكرام مثلا، فإنّ مقتضى الاستصحاب حرمته الآن، و مقتضى قوله أكرم العلماء وجوبه، و مورد الافتراق من الطرفين واضح.
إلا أن يقال نحن نعلم من الإجماع أو غيره أنّه لا فرق بين الأدلة الاجتهاديّة العامّة و الخاصّة، فإذا قدّمنا الثانية على الأصول فتقدّم الأولى أيضا.
هذا و لا يخفى أنّ البيان الذي ذكرنا لأخصيّة الأدلة أحسن ممّا يظهر من المحقق الأنصاري (قدس سره) في أول أصل البراءة حيث قال [1]: و يمكن أن يكون هذا الإطلاق- يعني إطلاق الخاص على الدليل، و العام على الأصل- على الحقيقة بالنسبة إلى الأدلة الغير العلميّة، بأن يقال إنّ مؤدى أصل البراءة مثلا أنّه إذا لم يعلم حرمة شرب التتن فهو حلال، و هذا عام، و مفاد الدليل الدال على اعتبار تلك الأمارة غير العلميّة المقابلة للأصل أنّه إذا قامت تلك الأمارة على حرمة الشيء الفلاني فهو حرام، و هذا أخص من دليل أصل البراءة، فيخرج به عنه.
و كون دليل تلك الأمارة أعم من وجه باعتبار شموله لغير مورد الأصل لا ينفع، بعد قيام الإجماع على عدم الفرق في اعتبارها حينئذ بين مواردها.
و وجه الأحسنيّة أنّه لم يتعرض لما إذا كانت غير العلميّة من العمومات التي يكون بينها و بين الأصل عموم من وجه، و أيضا وجه عدم مضرته أعميّة دليل حجيّة الأمارة من الأصل بالإجماع على عدم الفرق بين موارد الأمارات، مع أنّ الوجه فيه ما ذكرنا من أنّ المدار في العموم و الخصوص على نفس الدليل لا دليله [2]، و أيضا التمسك بالإجماع على عدم الفرق بين موارد الأمارات و كونها على خلاف الأصل أو