اعتبارها مقيّد بعدمها، فالمستفاد من كلام الشارع أيضا كذلك، فإنّه يفهم من قوله «إذا شككت في الواقع فابن على كذا» أنّه إذا لم ينكشف الواقع بالطرق المعيّنة له من العلم، و ما في عرضية يجب البناء على كذا، و لعمري إنّ هذا الوجه حسن، و إن كان الوجه السابق و هو الحكومة تماما أيضا.
و ما ذكره المحقق الأنصاري (قدس سره) في أواخر باب الاستصحاب من أنّ هذا الوجه لا يتم إلا بالحكومة، حيث قال [1]: و مغالطة هذا الكلام لا تندفع بما ذكرنا من الحكومة، قد عرفت ما فيه سابقا.
و ممّا يؤيد هذا الوجه أنّهم لا يفرقون في تقديم الدليل الاجتهادي على الاستصحاب بين القول بكونه من الأصول التعبديّة و القول بكونه من باب الظن، فإنّه حينئذ دليل اجتهادي، و مع ذلك متأخر عن سائر الأدلة، فيكشف هذا [2] عن كون دليل اعتباره مقصورا على صورة عدم وجود سائر الأدلة الاجتهاديّة، و كذا الحال في أصل البراءة بناء على ما ذهب إليه بعضهم من أنّه من باب الظن [3].
و ذلك لأنّ كلّ واحد من الأدلة الاجتهاديّة أخص مطلقا من كلّ من الأصول، فإنّ الدليل هو كل واحد [5] من الأخبار مثلا، فقوله التتن حرام أخص من قوله المشكوك حلال و هكذا، و كون دليل اعتبارها- و هو آية النبأ أو غيرها- أعم من وجه لا يضرّ بعد كون المناط في التعميم و التخصيص نفس الدليل، لا دليل الدليل، و هذا إنّما يتم إذا لم نجعل كلّ واحد من الاستصحابات- مثلا- دليلا، و قوله لا تنقض دليلا عليها، و إلا يكونان متباينين.
و التحقيق أنّ الدليل هو نفس لا تنقض لا خصوص الاستصحابات، فتتمّ الأخصيّة