أحدهما: أن يقال إنّ معنى تنزيل الطريق منزلة العلم جعل مؤداه أيضا منزلة الواقع، فتترتب آثار العلم، و هو إزالة الشك و آثار الواقع و هو الحكم بثبوت مؤداه.
الثاني: أن يقال إنّ تنزيل [1] المطلق يقتضي ترتيب جميع [2] اللوازم و الملزومات في الأدلة الاجتهاديّة، مثلا إذا علمنا بوجود الماء في أحد الحوضين على فرض وجوده في الآخر و شهدت البينة بوجوده [3] فيه، نحكم بوجوده في الأول أيضا، بناء على كونها من الأمارات .. و هكذا في الأخبار و سائر الطرق، ففي المقام أيضا إذا [4] نزّل قول العادل منزلة العلم على وجه الإطلاق، و نأخذ به في آثار العلم و في آثار المعلوم، كما لو كنّا عالمين.
و على هذا، فالفرق بين الأدلة و الأصول: أنّ التنزيل بمنزلة الواقع في الأصول ليس على وجه الإطلاق، و لذا لا يترتب عليها إلا الآثار الشرعيّة بلا واسطة أو بواسطة الآثار الشرعيّة، و في الأدلة على وجه الإطلاق سواء قلنا بالتنزيل في المؤدّى كما هو مقتضى التقرير السابق، أو بالتنزيل في الطريق، كما هو مقتضى هذا التقرير، فعلى السابق نأخذ بجميع آثار [5] العلم و مرتبته على الظن أو الخبر مثلا.
قلت: هذا التقرير قريب من السابق و الفرق بينهما أنّه يجعل التنزيل بالنسبة إلى الطريق بالأصالة و بالنسبة إلى الواقع بالتبع، و السابق كان بالعكس حسبما ظهر من التقرير المذكور، نعم على هذا التقرير يكون نفي الشك و إجراء أحكامه أظهر، لكن يرد عليه:
أولا: منع كون لسان الأدلة تنزيل الطريق منزلة العلم أوّلا؛ بل تنزيل المؤدى منزلة الواقع، و يلزمه في التنزيل في الطريق، فإنّ مفاد قوله صدّق العادل و نحوه