فإن قلت: إذا قال ألغ احتمال الخلاف فهو مطلق و لازمه نفي مطلق الآثار أعم من العقليّة و الشرعيّة.
قلت: الإطلاق إنّما هو إذا قال ألغ الاحتمال و لا تكن شاكّا أو لا تشكّ و نحو ذلك لا إذا كان لازما لقوله صدق، فإنّ اللازم إنّما يؤخذ بمقدار الملزوم، ففرق بين ما كان بنفسه عنوانا و بين ما كان لازما لشيء آخر، ففي الثاني لا إطلاق؛ أ لا ترى أنّه لو قال يحرم عليك كذا، يؤخذ بإطلاقه، و أمّا إذا أمر بشيء قلنا إنّ الأمر بشيء يقتضي النهي عن ضده لا يؤخذ بإطلاق ذلك النهي، بل هو تابع للأمر، و بمقدار يحتاج إليه في إثبات الوجوب، ففي المقام أيضا: إنّما يحكم بإلغاء الاحتمال بمقدار يتوقف عليه صدق التصديق، و لا يحكم بأزيد منه، و من المعلوم أنّه لا يحتاج إلى أزيد ممّا ذكرنا، و إن شئت الحق الصريح:
أقول: معنى قوله ألغ احتمال الخلاف ليس له إلا قوله صدّق العادل، و معناه ليس إلا أنّ مؤداه و هو الحرمة في المثال المتقدم ثابتة، و السرّ أنّه ليس معنى قوله صدّق العادل [1] لا تشك مطلقا، بل لا تشكّ في أنّ الواقع كذا، و هذا عبارة أخرى عن الإخبار بذلك الواقع، و لا نظر له إلى الشك، و لا إلى حكمه، و هذا واضح غايته.
ثانيها [2]: ما كان يقرّره السيد الأستاذ- أدام اللّه بقائه-
بعد الاعتراف أيضا بأنّ حكومتها بملاحظة دليل اعتبارها، من أنّ مقتضى ذلك تنزيل الظن أو قول العادل أو نحو ذلك من الأمارات منزلة العلم، و ذلك لأنّ معنى قوله صدّق العادل مثلا نزّل قوله منزلة العلم بالواقع و كن كأنّك عالم، و لا تكن شاكّا فيكون رفعا لموضوع الأصول، و هو الشك تنزيلا، فلا يترتب عليه الأحكام، قال [3]: و على هذا و إن كان مقتضى القاعدة عدم ترتب الآثار الغير الشرعيّة للعلم على الطريق؛ لأنّها غير قابلة للجعل، و الواقع ليس أثرا شرعيا للعلم الطريقي، فيشكل الحكم به، إلا أنّه يمكن الجواب عنه بوجهين: