(هذا؛ مع إنّ أصل المطلب- بحمد اللّه- من الواضحات، هذا جناي و جناه [1]؛ بلّغني اللّه و إيّاه مناي و مناه، و شكر اللّه عناي و عناه [2]، بحق محمد و آله الطاهرين و حشرنا اللّه معهم في يوم الدين) [3].
الأمر الثالث: [لزوم تخالف الخبرين لتسويغ التقيّة]
لا إشكال في أنّه يعتبر في الحمل على التقيّة في مقام ترجيح أحد الخبرين على الآخر كون أحدهما موافقا لهم، و الآخر مخالفا، و إلّا فمع موافقتهما أو مخالفتهما لا يمكن الترجيح إلا بما سيجيء من موافقة ميل الحكّام و القضاة في صورة موافقتهما لهم.
نعم؛ يمكن الترجيح إذا علم عدم صدور أحدهما تقيّة، و احتمل ذلك في الآخر بناء على ما سيجيء من الأخبار من أنّهم قد يلقون الخلاف بين الشيعة؛ لكنّه حينئذ مبنيّ على التعدي عن المنصوصات، فإنّ ما ذكرنا ليس من المنصوص كما هو واضح، و كذا يمكن الترجيح إذا علم عدم وجود قول بينهم موافق لأحد الخبرين، و احتمل وجود قول بينهم موافق للآخر، و ربّما يحكى عن صاحب الحدائق الحمل على التقيّة في صورة مخالفتهما لهم أيضا، و يورد عليه بعدم معقوليّة ذلك، بل حكي عن بعض الأساطين [4] أنّه عدّ هذا في جملة المطاعن على ما ذهب إليه [5]، و لعلّ النسبة المذكورة من جهة ما ذكره في مقدمات الحدائق- على ما حكي عنه-
[1] الجني و الجنى؛ ما يحصله الشخص من ثمر و نتاج لما سبق منه الترتيب له من قول أو فعل أو غرس لشجر، و منه قوله تعالى وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ، فإذا أضيفت إلى الضمير توسطت الألف بينها و الضمير، و هو شأن الكلمة المنتهية بألف مقصورة كما في جنى و عنى و غنى و منى و .. و ...
[2] هاتان الكلمتان و كذا ما سبقهما- مناي و مناه- الكلام فيهما كما ذكرنا في جناي و جناه، و المراد بالعنى التعب.